هل تأخذ هذه الوجبة يومياً ؟!

 

الإحساس بالجوع هو المؤثر الأول للإقبال على تناول الوجبة الغذائية ، وبالطعام نقتل هذا الإحساس الغريزي ،

 ولولاهما - الإحساس بالجوع ووجبة الطعام - لأعيانا الهزل ، وتمكن منّا الضعف ، ولخارت القوى وارتجفت المفاصل .

إذن لا يوجد محفز خارجي لجهازنا الهضمي لكي نتحرك ونطلب الوجبة ، ولا نحتاج إلى تذكير ولا تنبيه لهذه الغزيزة ، بل نكون في حالة تسارع لها قل نظيره مقارنة  لحاجات الجسد الأخرى ، ونُقبل بشوق ولهفة ونقضي معها ( الوجبة الغذائية ) ألذ أوقات يومنا . كل هذا من أجل تغذية أجسامنا وأبداننا وحفظها من الأمراض والضعف ، وملئ كيس عضلي يُطلق عليه المعدة وسد ألم الجوع المنبعث منها .

وسؤالي الآن هل هذه الوجبة ونتاجها تفوق أفضلية عن وجبة العقل وما يُعتصر منه ؟! وهل يحدث للعقل الفارغ تقلصات وألم الجائع عند إهمال وجبته المناسبة له لنبادر بتغذيته ، كما يحدث عند فراغ المعدة ؟ وهل سَنَعيا ونتعب وتضعف قوانا وتقل مناعتنا أيضا ؟!

من البديهي أن الجواب بكل ثقة كلا ! سنبقى في كامل صحتنا ونشاطنا وسلامة مناعتنا الجسمية طالما ضَمِنا إمتلاء المعدة وعافية الجسد !!

وواقعاً هذا في ظاهر الأمر فقط ، ورؤى العين المجردة ، أما حقيقة القضية والشعور الداخلي ورؤى العين الفاحصة  المتأملة لحياة الإنسان على مرِ الدهور قد سجلت لنا هذه العين في صفحات التاريخ ؛ هوان وتدني وخَور في مناعة النفس وبواطن الفؤاد سببه قلة زاد العقل والاهتمام بوجبته ، وأضْحينا مواطن لأمراض الهزيمة ، ومراكز للإستغلال والإستعمار ، وعلل لوساوس الشيطان ، وهجمات لفيروسات الشبهة والهوى ، وتأخر علمي وثقافي وإبداعي ، وتباطئ إقتصادي وحاجة دائمة للغير ، وما جوع العقل وفراغه إلا طريق للفساد والضياع ، وهذه العوارض لا تقل فتكاً ودماراً على بني البشر منها عن  أمراض الجسم وعلل البدن ، بل بحسابات بسيطة نجد أن أسقام  البدن وضعف قواه لو استفحلت أنهت حفنة تراب لترجع إلى معادها وأصلها الأرض ، أما أمراض النفس وفراغ الروح وضعف التفكير وإنحطاط الأخلاق ؛ يقضي على حضارة ، ويدمر مجتمع ، ويُنهي حياة أمة ، وينتهك حرمات ، يُصبح معها الإنسان كورم خبيث ينهش في صمت وينتشر متسارع الخُطى ليقضي على كل صالح من حوله !!

أفليس حري بنا أن نعتني بهذه الوجبة  لعقولنا ، لنضمن الفلاح والصلاح للعباد والبلاد ! ولتكُن على أقل تقدير في مصاف وجبة  المعدة !

ومن الجميل أيضاً أن نتقصى النافع من الوجبات المطروحة بعد أن أختلط الغث بالسمين في مراكز العلم ودور الكتب ، ولنحرص على المصدر الجيد والكلمة الموثوقة ، كما حرصنا وسنحرص على تنوع وجبة طعام المعدة وصرف الكثير من الوقت والجهد للبحث عمّا  لذ وطاب ، حتى لا نكون كمن يطلب الخير ويقع في المحظور .

وفي الختام ؛ أقول قيمة الإنسان ليست في معدته وما أعطاها ، بل في عقله وما أَعطى للبشرية

فهلّا عاملناه معاملة المعدة !!