الشيخ يوسف المهدي... شخصية مميزة ودور رساليّ

ميثم المعلم

يقف القلم عاجزًاعندما يريد أن يكتب عن العظماء  والرجال الكبار ، وتقف الكلمات حائرة أمام الشخصيات التاريخية  ، وتخجل الجمل والعبارات  في وصف المصلحين المخلصين لدينهم وأمتهم   ، ويحتار الفكر عندما يتحدث عن رجال التاريخ الذين يصنعونه بعطائهم الكبير وتضحياتهم ألا متناهية .

ومجتمعنا القطيفي والأحسائي يمتلك الكثير من الرجال العظام الذين يضحون بشكل يومي ، وبصورة مستمرة ، ويقدمون كل ما يملكون من أجل خدمة الناس ، و الارتقاء بهم إلى أعلى المستويات في الجانب الديني والأخلاقي والاجتماعي والتربوي والفكري أمثال سماحة العلامة الشيخ حسن الصفار وسماحة العلامة السيد منير الخباز، وسماحة العلامة الشيخ يوسف المهدي وسماحة العلامة السيد علي السيد ناصر، وسماحة العلامة الشيخ فوزي السيف وسماحة العلامة الشيخ حسن الخويلدي وسماحة العلامة الشيخ عبد الكريم الحبيل ، وسماحة العلامة الشيخ محمد علي العمري وسماحة العلامة الشيخ كاظم العمري، وسماحة العلامة الشيخ نمر النمر وسماحة العلامة الشيخ محمد حسن الحبيب وسماحة العلامة السيد حسن النمر ........... وغيرهم الكثير الكثير.الشيخ يوسف المهدي

إننا نحتاج أن نسلط الأضواء على كل واحد من هؤلاء العظام، وندرس حياتهم  ومنهجهم  وطريقة عملهم في الشأن الديني والتربوي ، والعمل الاجتماعي والسياسي ،  من أجل التعرف على سيرتهم ومبادئهم  و أخلاقهم وتضحياتهم  .

قال تعالى (( لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر )) . وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (( العلماء قادة ، والمتقون سادة )) .

 ليس من الصحيح أن نتعرف على منزلة الأشخاص العظام في مجتمعنا  عندما يموتون ، ثم نكتب عنهم ونقدسهم  وتظهر فضائلهم وتضحياتهم ، ونشعر بالفراغ الكبير من دونهم، إنهم شهداء أحياء يعيشون بيننا لذلك علينا أن نعرف قيمة وعظمة دورهم في حياتنا المعاصرة  .

 ومن هؤلاء الرجال العظام  الذي يعد من أبرز القيادات الدينية  لشيعة المملكة العربية السعودية  فضيلة العلامة الشيخ يوسف المهدي زعيم مدينة صفوى وقائدها الروحي ورمزها الديني  ، ومربي أجيالها عبر الزمن على الخير والفضيلة والدِّين .

لفضيلة العلامة الشيخ المهدي مكانة خاصة في قلوب العلماء والفضلاء  ، وينظرون إليه بإجلال واحترام كبيرين ، حتى أن بعض العلماء العارفين بقدرات ومواهب الشيخ المهدي يؤكدون أنه  لو لم ينهمك  في سن مبكرة   بالعمل الرسالي لحاز على درجة الاجتهاد في فترة قياسية من الزمن ، لما عرف عنه من ذكاء حاد قلّ نظيره ، وجد واجتهاد ومثابرة قلّ نظيرها ، وذهنية وقادة  ، وحبـًا للعلم والمعرفة ، وتعلقــًا  بالأجواء العلمية  الحوزوية .

كلنا يعلم  إن المنطقة  في نهاية السبعينيات و بداية الثمانينيات الميلادية كانت تعاني من قلة علماء الدين والناس  في أمس الحاجة إلى علماء دين عاملين و مجاهدين ، يمتلكون رؤية دينية حركية وثقافة واسعة ، ومشروع حضاري يغير الواقع الحياتي، وينهض بالمجتمع إلى الأمام ، ويحفظ  الشباب من التيارات البعيدة عن الفكر الديني ، لذلك ضحى فضيلة العلامة الشيخ يوسف المهدي 

  بطموحه العلمي من أجل أن يبني تيارًا دينيــًا واسعــًا يمتاز بالوعي والثقافة الإسلامية  والفاعلية ، وقام بتربية كوادر رسالية تحمل  أهدافــًا وقيـمـًا  دينية من أجل بناء المجتمع وتقدمه في مختلف الجوانب الدينية والاجتماعية  والثقافية  ، وهذا ما تحقق  بالفعل بعد فترة من الزمن . إذ لوحظ أن أغلب  العاملين في الحقول الدينية والاجتماعية والثقافية  هم عبارة عن تلامذة للشيخ يوسف المهدي  تربوا على يديه عن طريق الحضور والتفاعل مع برامجه التربوية والثقافية والدينية  في مسجد الإمام الحسين عليه السلام  .

ويحضى العلامة المهدي باحترام وتقدير مختلف الشرائح الاجتماعية  رجالا ً ونساء ً ، كبارًا وصغارًا ، شبابــًا وكهولا ً ،  حتى أنه عندما يسافر إلى مكان ما ، يشعر كل واحد منهم بفراغ كبير في قلبه ، ويتابعون أخباره بدقة متناهية ، وينتظرونه بلهفة وشوق شديدين . قال تعالى : (( إن الذين أمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًا )) ، وقال الإمام علي عليه السلام : ((  ثلاث يوجبن المحبة : حسن الخلق ، وحسن الرفق ، والتواضع )) ، وقال الإمام الصادق عليه السلام : (( ثلاثة تورث المحبة : الدِّين ، والتواضع ، والبذل )) .

وللصلاة خلفه في مسجد الإمام الحسين عليه السلام روحانية خاصة ، وخشوع رائع  ، وطمأنينة قلبية ، وراحة نفسية ، وتوجه كبير إلى الله تعالى . ويصلي خلفه الكثير من المؤمنين والمؤمنات ، ويمتاز المصلون خلفه بأنهم يحافظون على أداء الصلوات والعبادات  المستحبة  كصلاة الليل وصلاة جعفر الطيار عليه السلام ،  والنوافل اليومية  ، وصلوات ليالي شهر رمضان المبارك ،وصلوات يوم الجمعة مع الأدعية المتعلقة بها  ، ويـُعـرفون في المجتمع بحسن الخلق والمشاركة الكبيرة في الأعمال الخيرية ، وإنهم  يحفظون المسائل الفقهية المتعلقة بالصلاة والصيام والحج والعمرة على ظهر قلب ، بسبب الحضور اليومي في المسجد ولمدة طويلة من الزمن تزيد على عشرين سنة . قال الإمام علي عليه السلام : (( الصلاة قربان كل تقي )) .  

ولبحثه الفقهي ميزة خاصة جد ًا حيث تميز فضيلة العلامة الشيخ يوسف المهدي بطرح المسائل  الفقهية  لكل المراجع المـُـقــَـلدين  من قبل الناس ، فقد كان يطرح في بداية الثمانينيات الميلادية  فتاوي السيد الإمام  أبي القاسم  الخوئي والسيد الإمام الخميني والسيد الإمام الشيرازي  (أعلى الله مقامهم جميعـًا ) على حد سواء . والآن في وقتنا الحالي  يطرح المسائل الفقهية  للمراجع الموجدين في الساحة الشيعية كآية الله العظمى السيد علي السيستاني و آية الله العظمى السيد  محمد سعيد الحكيم و آية الله العظمى السيد علي الخامنئي و آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي و آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي وغيرهم من المراجع العظام ( أدام الله ظلهم العالي ومتعنا بطول بقائهم وأطال الله في  أعمارهم جميــعـــًا ) قال الإمام علي عليه السلام : (( الإخلاص شيمة أفاضل الناس ))، مما جذب الناس إليه أكثر وتعلقوا به بشكل كبير  ، لذلك ترى يصلون خلفه من كل الشرائح والطبقات والتوجهات  الدينية .

من نعم الله على منطقنتا  وجود هذا الشيخ الجليل بيننا فهو طيب القلب ، طاهر السريرة ، لا يحمل على أحد ، يحب الناس ويتمنى  لهم كل خير ، يشاركهم في أفراحهم ، ويواسيهم في آلامهم ، ويحضر فواتح أمواتهم ،  ويهتم بقضاياهم ويحل مشاكلهم ، ويقضي حوائجهم ويتفقد أحوالهم ، يوقر كبيرهم ويحترم صغيرهم ، ويسأل عنهم باستمرار ، ويرسل سلامه الخاص لكل واحد منهم بشكل دائم   ، ويدعو لهم  بالخير والسعادة  والصحة و العافية  . قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (( إن أحبكم إليَّ وأقربكم مني يوم القيامة مجلســًا أحسنكم خلـقــًا ، وأشدكم تواضـعــًا )) .

عندما تعيش مع فضيلة العلامة الشيخ يوسف المهدي تراه يتحلى بفضائل كثيرة وصفات عالية من تقوى كبرى ، وورع عظيم  ، ونفس كريمة ، وقلب رحيم ، وروح طيبة ، وإخلاص شديد ، وخلق رفيع ، وتواضع جم ، وعلم غزير ، وعمل دائم، ونشاط  كبير  ،  وخطابة مؤثرة ، وفصاحة جذابة ، وبلاغة راقية ، وشجاعة واضحة ، وقيادة حكيمة . يعمل ليلا ً ونهارًا من أجل خدمة الإسلام ومذهب أهل البيت عليهم السلام . يشجع كل عمل فيه خدمة للناس ، ويشارك في كل مشروع فيه رضى لله تعالى ، ويدعم كل فكرة فيها صلاح للمجتمع . قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (( أسعد الناس منْ خالط كرام الناس )) .

نسأل الله تعالى أن يحفظه وأن يطيل عمره ويمتعنا ببقائه ، وأن يحفظ جميع علمائنا ومشايخنا الكرام  وأن يوفقنا للإقتداء بهم بحق محمد وأهل بيته الأطهار .