عفويتي... فوضى
أحيانًا تأتي تصرفاتنا عفوية مع أشخاص في مواقف تمر علينا، ربما لا ينفع معهم اسلوب العفوية فهم وضعوا أنفسهم في قوالب لا تحتمل أي إضافة، من حيث أنهم يجدون قيمتهم في الصورة التي رسموها لأنفسهم وإن الخروج عنها يعني اهتزاز صورتهم أمام أنفسهم والآخرين، لما يرون في العفوية من فوضى في تصوراتهم، تخرجهم من حيز السيطرة والتحكم في الأمور، فهم يميلون إلى الترتيب المسبق، والظهور المثالي.
فرفضهم للعفوية مغزاه حتى لا يُساء فهمهم ولا يتعرضون إلى انتقاذ، وأحيانًا يكون السبب وراء ذلك الخوف من فقدان السيطرة، والأغلب يكون غرورًا.
العفوية مرونة وتقبل التغيرات والجرأة في الارتجال، فهذه أمور تحدث تلقائية لسد العجز وإنقاذ المواقف الطارئة،
العفوية فوضى في الإحساس، أكيد لكنها مثل المطر تبلل القلوب وتوقظ الحياة من حولنا تخرجنا من القوالب الجامدة المجردة من الاحاسيس، فالاحساس العفوي بالآخرين، جميلاً جدًا وإنساني، يمسح التعب ويخفف من الضغوط، بشرط أن يكون في مكانه الصحيح ومع الشخص المناسب.
ألمحت عن تعبها بسبب ضغط العمل، فما كان مني إلا إن مسحت على رأسها بيدي
للمواساة، فاعتبرته تجاوز لا ينبغي أن يحدث، على اعتبار رئيس ومرؤوس، بينته لي عندما رمقتني بنظره لم أفهمها في حينها، ماحدث كان خارج نطاق الكرسي، حديث ودي ونحن جالستان، في أحد الأروقة نتجاذب أطراف الحديث. هذا ما ذكرته لي، علق مادار بيننا في الذاكرة.
مضى كُلاً منا في حال سبيله، من عادتي استرجاع المواقف اليومية التي تمر عليِّ لتحليلها لتمرير الإيجابي، والوقوف عند السلبي منها لتفادي السقوط بها أو تجنبها في قابل الأيام.
هنا أدركت أن عفوية التصرف لابد أن تكون أكثر وعيًا، وأن تكون تحت سيطرة العقل لا القلب. فالحكمة مطلوبة في هذا المورد.
التصرفات العفوية، ليست سوء تصرف أو عشوائية، وإنما هي التي نقول فيها ما نشعر به دون تردد، نفعل ذلك بما يمليه علينا إحساسنا، خارج حساب المجاملات. مع تحقيق التوازن بين التلقائية والاحترام.
لدا انهيت الحوار مع نفسي بعد لوم طويل، واقنعتها بأن العفوية هي ليست نقصًا في الحذر، وإنما هي امتلاء بالصدق، ففضلتُ أن أكون أنا كما أنا، نغمة حرة طبيعة في عالم مكتظ بالموسيقى المصطنعة الصاخبة.