دعوة الشيخ البريك انصهار الشيعة في السلفية؟ أم الوحدة معهم

الشيخ محمد حسن الحبيب

جميل أن نسمع من الشيخ البريك الدعوة إلى المحبة والإخاء والوحدة بين أبناء الأمة الواحدة وخصوصا بين السلفيين وسائر المسلمين شيعة وسنة ولكن الأجمل منه هو العمل على إرساء قواعد الوحدة بين أبناء الأمة، ومعلوم أن تلك القواعد لا يمكن تأسيسها بالخطب الرنانة وحشد المؤيدات والشواهد على علاتها من بطون الكتب دون تحقيق وتدقيق للنيل من معتقد من ندعوه للإخاء والاتحاد والمحبة، بل يمكن لنا القول بضرس قاطع إن ذلك يقوض أي جهد يبذل في سبيل الوحدة الإسلامية.

وأنا هنا لست في صدد الوقوف عند المؤيدات التي ساقها الخطيب في خطابه ومكامن الضعف فيها ولكن أتوجه إلى بعض الكليات التي تمنيت أن يتناولها الدكتور بصورة علمية بعيدا عن الشحن العاطفي خصوصا أنه قال: إنه يخاطب العقل ويتحدث مع جيل الانترنت والفيس بوك.

وقبل ذلك أود أن أوضح للدكتور أن القطيف كانت ولا تزال حاضرة علمية من حواضر التشيع، وجذور التشيع فيها ضارب في أعماق التاريخ، وأبناءها لا يقبلون التقليد والتسليم ولا يرتضونه في أمور العقيدة بل يعتقدون عن دليل وبرهان فهم أصحاب دليل حيث ما مال يميلون معه.

 معنى الوحدة:

لم يحدد الدكتور البريك ما المراد من الوحدة التي دعا إليها في خطابه! ولكن من خلال ما أبداه يفهم أنه أراد منها أن يتخلى المخاطب عما أعتقد به عن دليل وبرهان ويسلم لما يقول به هو! حينها يكون قد سلك الطريق إلى الوحدة!!

والصحيح هو أن الدعوة إلى الوحدة إذا كانت دعوة إلى تجاوز الخلافات ووأد الصراعات والبحث عن المشتركات مع الاحتفاظ بالخصوصية لكل طرف فهو أمر في غاية الأهمية ويمكن التأسيس على هذه الدعوة بالحفاظ على مبدأ الاختلاف ونبذ التهم والضغوطات المتبادلة بين أتباع المذاهب، وبدلا منها يكون إحياء النقد والحوار الهادئ والهادف للوصول إلى الحق والحكمة لأنها ضالة المؤمن.

ولكي يؤتي الحوار ثماره ينبغي أن يتسم الحوار بالوضوح والشفافية بعيدا عن التعصب والضغوط وأروقة الساسة. فعدم الوضوح يضيف إلى المشكلات القائمة مشاكل جديدة أيسرها النفاق الاجتماعي والسياسي، والتعصب يورث الضغائن والأحقاد، والخضوع للضغوط وهوى الساسة جر الكثير من الويلات على أبناء الأمة.

 المصالحة بين أهل البيت والصحابة:

حاول الشيخ الدكتور أن يصلح بين أقطاب أهل البيت والصحابة ولكنه تجنب فتح الملفات الساخنة التي حدثت ومنها السقيفة، وفدك، وما جرى لفاطمة في منزلها، ومنعها عن البكاء على أبيها، وما جرى لعلي من حروب قادها الصحابة، وتمرد بعض الصحابة على الخليفة الشرعي، واستمرار التمرد على الخليفة الخامس الحسن بن علي، وما جرى للحسين في واقعة الطف.

ومعلوم أن فتح هذه الملفات وغيرها والوقوف عندها بالتحليل والنظر هو الذي يكشف لنا الحقيقة والواقع الذي كان بعد رسول الله ويبين لنا حالة الانقسام الحاد أو الالتصاق التام في مجتمع ما بعد النبي وعليه نبحث عن الحق حيث يكون فنتبعه.

وخير ما قيل في أمر التعامل مع ملف الصحابة هو: أن التعامل مع هذا الملف يتم بمنهجين:

الأول: المنهج العاطفي وهو الذي يغض النظر عن كل زلة صدرت من الصحابة وإن كانت من الكبائر كالخروج على الخليفة الشرعي.

الثاني: المنهج العلمي وهو الذي لا يستثني أحدا بل يضع الجميع على طاولة التشريح ويعمل فيهم قواعد العدل والتجريح.

الشيعة والسنة:

قطع الشيعة والسنة أشواطا كبيرة في مجال التقريب والوحدة بينهم وبقي العمل على التقريب بين السلفية وعموم المسلمين أو السلفية وخصوص الشيعة.

وما صدر عن الشيخ من الدعوة للألفة والمحبة والوحدة هي دعوة طيبة وإن كان كلامه في المحاضرة لا يساعد على ذلك ولا يعين عليه! فهو بحق ينطبق عليه المثل القائل: ما هكذا تورد يا سعد الإبل.

وأملنا أن يلتقي الشيخ البريك وغيره من مشايخ السلفية ومشايخ الشيعة على القواسم المشتركة بعيدا عن القدح والسخرية والاستهزاء.