فقر الدم المنجلي والتهاب المرارة

قد يصاب المريض بفقر الدم المنجلي بالكثير من المشاكل الصحية وذلك لعدة أسباب:

1- حدوث نوبات الألم المتكررة والتي غالباً ما تؤثر على الأطراف , الظهر أو البطن والتي بمرور الوقت قد تسبب تآكل في المفاصل والعظام , وتؤدي إلى تضخم مزمن للكبد مع تضخم مبدئي للطحال ينتهي بحدوث ضمور.
2- حدوث خلل في الجهاز المناعي نتيجة لتكسر حاد في خلايا الدم أو بسبب الإصابات الفيروسية والتي تؤثر سلباً على وظائف الطحال المناعية المتأثرة مسبقاً .
3- الإصابة بأمراض الدم المعدية نتيجة حصولهم على وحدات دم ملوثة مثلاً بفيروسات الكبد الوبائي ب أو ج وغيرهما.
4- ازدياد الإصابة بالتهاب في المرارة وذلك لتسارع عملية تراكم الحصوات فيها الناتجة بسبب التكسر المستمر للدم وتراكم مادة البيليروبين ومن ثم تحولها إلى حصوات.

وانطلاقاً من النقطة الأخيرة سنسلط الضوء على آلام البطن الناتجة بسبب التهاب المرارة , وفي هذا السياق قد يتساءل البعض عن كيفية التفريق بين الآلام الناتجة بسبب نوبات التكسر وبين تلك الآلام الناتجة بسبب التهاب المرارة ؟

للإجابة عن هذا السؤال, يحتاج الطبيب إلى أخذ معلومات دقيقة وتفصيلية من المريض وذلك للوصول إلى تشخيص دقيق , هذا من ناحية , ومن ناحية أخرى هو بحاجة لفحص متأنٍ للمريض ومراجعة نتائج فحوصات الدم وعمل أشعة صوتية على البطن لتقييم المرارة والكبد والطحال وباقي أعضاء البطن.

قد يتراءى للقارئ بأن عملية التشخيص هذه سهلة ولكننا عندما نأتي لأرض الواقع نرى أنها تمثل تحدياً للطبيب وذلك لعدة أسباب:

1- عادةً ما تكون الآلام الناتجة بسبب التهاب المرارة في الجهة اليمنى العلوية من البطن وذلك بسبب وجود المرارة في هذا المكان, ولكن بسبب إحاطة الكبد بالمرارة في نفس المنطقة , وحدوث نوبات تكسر داخل الكبد تؤدي إلى تضخمه , قد تتداخل الأعراض مع بعضها , ومن هنا ندرك أهمية أخذ معلومات دقيقة عن مواصفات ألم المرارة والذي يكون عادةً على شكل تقلصات حادة تنتقل إلى جهة الكتف الأيمن الخلفية , تزداد حدتها أثناء الأكل وقد تكون مصاحبة لاستفراغ للأكل وانعدام في الشهية. أما مواصفات نوبة الألم فهي حادة وقد لا يستطيع المريض تحديد طبيعتها بشكل جيد.
2- قد يحدث أن ترتد إحدى الحصوات المرارية وتؤدي إلى حدوث انسداد في القنوات المرارية مما يؤدي إلى ارتفاع في مستوى العصارة المرارية في الدم ( البيليروبين ) , وهذا بحد ذاته يجعل مسألة التشخيص أكثر تعقيداً وخصوصاً عندما ندرك بأن مرضى الفقر المنجلي يعانون مسبقاً من ارتفاع في مستوى البيليروبين بسبب التكسر المزمن.
3- في الحالتين ( أي في حالة الإنسداد وفي حالة التكسر) قد يصاحب الآلام تدهور في وظائف الكبد وارتفاع في خلايا الدم البيضاء.

من هنا تكمن أهمية عمل فحص الأشعة الصوتية للبطن لتشخيص المرض .

العلاج:

قبل الخوض في التفاصيل العلاجية نحن بحاجة لمعرفة بعض الحقائق بخصوص الحصوات المرارية.
1- تشير الإحصائيات بأن 20% من النساء و 5 % من الرجال لديهم حصوات مرارية ولكنها غير مسببة لأية أعراض وإنما يتم اكتشافها مصادفة أثناء عمل فحص للبطن بواسطة الأشعة التلفزيونية. وتشير الإحصائيات أيضاً بأن 2% من هؤلاء الأشخاص (الذين يوجد بهم حصوات ولكن دون ظهور أعراض) معرضون سنوياً للإصابة بآلام في البطن بسبب الحصوات.
2- لذلك فوجود الحصوات المرارية قد يتمثل بعدة صور , إما أن يكون بدون أعراض , أو يكون على شكل التهاب مزمن يأتي على شكل نوبات متفاوتة ( نوبتين إلى ثلاث نوبات سنوياً ), أو يكون على شكل التهاب حاد , أو على شكل انسداد في القنوات المرارية.

العلاج النهائي للحصوات المرارية هو الإستئصال الجراحي , ولكن هل جميع الأشخاص الذين تتواجد بهم حصوات مرارية بحاجة لإجراء العملية لاستئصال المرارة؟
الجواب قطعاً لا , الأشخاص الذين أصيبوا بنوبات الألم فقط هم بحاجة لإجراء العملية , إضافة إلى بعض الفئات الأخرى كالمصابين بفقر الدم المنجلي عند اكتشاف الحصوات في عمر مبكر , أو وجود حصوة كبيرة ( 2 سم) أو أكبر , أو وجود المرارة المتكلسة وذلك بسبب ازدياد الإصابة بسرطان المرارة.

وهنا لابد أن نشير بأن مرضى فقر الدم المنجلي بحاجة إلى تحضير خاص قبل إجراء أي عملية جراحية وهذا التحضير يتمثل في النقاط التالية:

1- تنويم المريض في المستشفى قبل العملية بيومين إلى ثلاثة أيام وذلك لعمل الفحوصات وعمل التجهيزات الأساسية قبل العملية.
2- التأكد بأن معدل الهيموجلوبين 10 أو أكثر وذلك لتقليل الإصابة بنوبات التمنجل بعد العملية لذلك قد يحتاج المريض لنقل وحدة دم أو أكثر.
3- التأكد من أن نسبة الهيموجلوبين توازي 30% أو أقل علماً بأنها تمثل 70-80% في الوضع الإعتيادي لدى هؤلاء المرضى وذلك لتقليل الإصابة بنوبات الألم. ولتقليل هذه النسبة يحتاج المريض لعملية استبدال وحدة أو اثنتين من وحدات الدم بحيث أثناء نقل وحدة الدم تزال وحدة دم في نفس الوقت.
4- تروية المريض بشكل جيد عن طريق إعطائه المحاليل الوريدية.
5- تأجيل العملية في حال شعوره بنوبات ألم منجلية لحين تحسنه تماماً.
6- إعطاؤه الأكسجين بنسبة عالية أثناء العملية.
7- بعد العملية يحتاج المريض إلى استكمال التروية بشكل جيد لمدة 5 أيام على الأقل وذلك لتقليل الإصابة بنوبات التمنجل وانسداد شرايين الرئتين.
8- إعطاؤه مسكنات ألم مناسبة.
9- الإبتعاد عن البرودة الزائدة.
10- استمرار إعطاء الأكسجين بنسبة جيدة.

كل هذه الإجراءات تقلل بإذن الله من المضاعفات , مع تمنياتنا لجميع المرضى بالشفاء والعافية.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
abdullah al abdulal
[ شيكاجو ]: 31 / 5 / 2010م - 4:51 ص
well done doctor ali..

ur brother
طبيب جراحة عامة