خطباء واعدون ”الشبل الحسيني ملا علي هاني طاهر سلمان“

منذ كنا صغار عرفنا وتعلمنا بأن الحسين مثلا اعلى للإنسانية والايمان والنور المضيء العالي للعالم، فالبكاء والنحيب والندب واللطم والعزاء وإقامة المآتم هي منزلة عظيمة، فتلك المعركة الخالدة ”الطف“ وهي قديمة قدم مأساة فاجعة استشهاده وقتله ونحره والتي ضحى بنفسه والصفوة من أهل بيته وأصحابه من اجل احياء الدين وبقاء الاصلاح في أمة جده.

من هذا المنطلق تكونت مسيرة الحسين العاشورية منها وغير العاشورية وابرزها الخطابة الحسينية ويذكر المؤرخون ومنهم الطبري: «فخرجن حتى دخلن دار يزيد فلم يبق من آل معاوية امرأة إلا استقبلتهن تبكي وتنوح على الحسين فأقموا عليه المناحة ثلاثا» «1»، لعل هذا المشهد هو أول مأتم أقيم للحسين سلام الله عليه، ومازالت المنابر تصدح بذكره وايصال ما أراده.

قَدِمتُ.. وَعَفْوَكَ عن مَقدَمي حَسيراً، أسيراً، كسيراً، ظَمي

قدِمتُ لأ ُحرِمَ في رَحْبَتَيْك سَلامٌ لِمَثواكَ من مَحرَم ِ

فَمُذْ كنتُ طفلاً رأيتُ الحسين مَناراً إلى ضوئِهِ أنتَمي

ومُذْ كنتُ طفلاً وجَدتُ الحسين مَلاذاً بأسوارِهِ أحتَمي

وَمُذْ كنتُ طفلاً عرَفتُ الحسين رِضاعاً.. وللآن لم أ ُفطَمِ! «2»

من هذه المقدمة الطفيفة وددت بها التطرق للاشبال الحسينية الذين يبذلون طاقاتهم لإحياء الشعائر المحمدية في كل مكان وأي زمان وهم اصحاب تميز ملحوظ ينشرون مفاهيم نهضة الحسين وتحقيق ما أراده من خلال المنبر الحسيني واتخذوا منه طريقا ليسمو به اعلاميا وتوجيهيا نحو مظلوميته ومنهم:

الملا علي بن هاني بن طاهر سلمان ولد سنة 1430 هـ  في بلدة الجش وهو الثالث بعد اخت واخ، تربى وترعرع في كنف عائلة متدينة محبة وخادمة للامام الحسين ، عاش محاط باسرة وبيئة حسينية خيرة احتضنته امه القارئة الخادمة لابي عبد الله الحسين وجدته ”الملاية“ وتعد من كبار القارئات في بلدة التوبي وخالته وابن خاله الملا علي الموسى، ومن جهة الأب عمه الشيخ منصور السلمان واخيه الملا طاهر، وقد سار على النهج الحسيني وورث واستلهم طريق الخدمة، له صوت جميل وشجي يقرأ بالطريقتين الشعر الفصيح والنبطي ”الشعبي العامي“، الا انه يفضل النبطي لما فيه من تراث وابيات مشهورة من علماء وخطباء المنطقة.

• رحلة الدراسة:

يدرس في المرحلة المتوسطة وسائرا للدراسة الحوزوية في المستقبل وحالا ملتحق بدار القرآن ببلدة الجش على يد خيرة من اهل الفضل والعلم حافظا ما تيسر من كتاب الله، ومن احب الأشياء على قلبه ويواظب عليها ولا يتركها مجالسة العلماء لما فيها من وقار وعظمة واستفادة وعلم مقتديا بنهجهم وتعاليمهم ساميا للهدف الذي ينشده ويبني الوصول إليه وهو خدمة النبي محمد وآل بيته عليه وعليهم صلوات الله عبر المنبر الحسيني بنية خالصة لوجه الله.

• بداية الخطابة:

مثلما اسلفنا كانت الجدة والأم هما من غرس البذرة الأولى فيه واخذتا بتعليمه القراءة الحسينية ثم التحق بمنهج عمه سماحة الشيخ منصور واخيه الملا طاهر، ودائما ما يتابع ويراجع مع امه واخيه، قرأ منذ نعومة اظافره والسن الفعلي كان في سن السابعة ومازال يواصل الطريق الذي اختاره لنفسه من البيئة التي تربى وعكست عليه تلك الاجواء الحسينية.

فكانت اول قراءة وعزاء وادعية في مجلس الحاج ابو مهدي مهنا ببلدة الجش، وكان اول مجلس قراءة كاملا في بلدة الحلة وموضوعه عن قمر بني هاشم العباس سلام الله عليه في عام 1440 هـ ، وتوالت القراءات في مجالس القطيف ونذكر بعض منها: مأتم اهل البيت في حي الشاطئ، مضيف ام البنين ، منزل الحاج زهير مويس ابو رضا، منزل الحاج ابو سعيد، منزل الحاج محمد المهدي، منزل الشيخ منصور وعدة مجالس اخرى، وهناك بعض العلماء قرأ في حضرتهم منهم: الشيخ عبد المنعم المصلي، والشيخ مصطفى الموسى، وعمه الشيخ منصور الجشي، والشيخ عبدالعزيز المصلي وعدة علماء اخرين.

• بعض من يومياته:

مولع بالقراءة والمطالعة اليومية فهي مصدر كل خطيب والكتاب هو مصدر واساس العلم واعظمه علم القرآن الكريم وتفسيره، لديه كتب لا بأس بها لأهل الفكر والدين والأدب تتكلم عن سيرة الائمة الاطهار صلوات الله عليهم، وأول كتاب اقتناه ”دمعه ورثاء“ تأليف شراكة الدكتور سعيد المهنا والاستاذ حسين المهنا، وكذلك الادعية الموروثة كمفتاح الجنان وضيائ الصالحين والصحيفة السجادية وغيرها من كتب التهذيب.

هوايته التي يهواها بجانب الخطابة هو نشاطه الاجتماعي كالتحاقه باللجان التطوعية التي تخدم المجتمع ومنها: خدمة المساجد ومثلا مسجد السدرة والمجالس والمواكب الحسينية، ويسعى ان يكون كاتبا وقلم ذو بيان لخدمة السيرة المحمدية وسيرة الائمة الاطهار، نسأل الله العلي القدير ان يمد في عطاءه لخدمة محمد وآل محمد ويجعله معهم في الدنيا والأخرة انه حميد مجيد.








 

«1» تاريخ الطبري/ ج5 ص 462.
«2» الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد/ قصيدة في رحاب الحسين.