التطوّر الغبي في المُجتمع العربي

نحن في المُجتمعات العربية عادة ً ما نجد أنفسنا قد تطوّرنا ووصلنا إلى قمّة الهرم في عالم الحضارة والتطوّر ونجاهر بهذا التطوّر ولكن لو راجعنا أنفسنا جيداً لوجدنا أنفسنا في بعض الحالات أننا في أسوء الانحدارات التي تقودنا إلى التخلف وقد يقهقه علينا الغرب ضحكاً وسخرية وهذه الحالة لا تنطبق على الكُل ولكن على البعض وفي هذا المقال أتمنى أن لا ينزعج أحد ٌ ولكن نريد أن نتحدّث بصراحة. 

نحن في المُجتمع العربي وخاصة الخليجي تفكيرنا هو الوصول إلى أعلى المناصب حتى لو كان بدون مُقابل واتخاذ القرارات وأن نكون أشخاصاً آمرين وليس مأمورين ونُحب الوجاهة والمظهر الأنيق وهمّنا الأول هو الجلوس على الكرسي الفخم و الدوار والمريح والمكتب المُكيف والجميل ونعشق الجلسة الجماهيرية ولبس البشوت ونتقزز من الأعمال الحرفية والمهنية وكأنها عارٌ علينا ونجعل الأجنبي يأخذ مكاننا المُهم ثم نشتكي من البطالة. 

نحن في المُجتمع العربي والخليجي خاصة أولادنا في الوقت الراهن عكس الغرب تماماً فقد أصبحوا ينفرون من الكتب العلمية والثقافية والقصص الهادفة بل أصبح قبل أن يخلع حقيبته المدرسية يفتح الإنترنت وعلى طول على الدردشة وفتح الماسنجر والفيس بوك والبلاك بيري وعالم المعاكسات الواسع التي تقودهم إلى السقوط في أعمق الهاويات والفساد ثم نعتقد أننا في مُجتمع مدني ونرّكز على مقولة طنش تعش تنتعش. 

نحن في المُجتمع العربي الغالبية مّنا دائماً يميل إلى التقليد الأعمى والإتكالية هي سلوكنا وطباعنا ونكره الإبداع والاختراع والابتكار ونعشق السُبات الطويل والشخير العالي والكرش الكبير وملأ البطون وهمّنا الأول ما هو الغذاء؟ وما هو العشاء؟ بعيداً عن الاستكشاف ونكره الشخص الناقد لنا ونحب مادحنا والذي يُطرب أذاننا بالإطراء والمديح ونكره الشخص الذي يبّين عيوبنا وقواعد الحداثة عندنا هي الشياكة والعطر الفوّاح وعدم الاتساخ. 

نحن في المجتمع العربي وخاصة الخليجي نهمل القضايا المصيرية و تركيزنا على أتفه الأمور أنت شيعي وأنا سني والعكس كذلك ولابد أن أعاديك وأطعن في مذهبك ورأيك ونخلق المُشكلة ولا نتعايش في هذه الحياة سوياً ولا ننظر للغرب هناك كل المذاهب والأديان تتعايش مع بعضها البعض بكل رحب والحياة عندهم مُستمرة دون خلاف ونحن قضينا هذه الحياة في ناظرني وأناظرك وحاججني وأحاججك والنتيجة سداً لا فائدة وعدم إقناع ونبحث عن التفرقة العنصرية والمذهبية أنت تنتمي إلى المرجع الفلاني وأنا أنتمي إلى المرجع الفلاني و نخلق العداء وننسى أننا أخوان في  بلدٍ واحد ولابد أن نكون يداً واحدة كي لا يسخر مّنا الغرب ونثبت لهم عكس ذلك تماماً. 

نحن في المُجتمع العربي والسعودي خاصة ولماذا القطيفي أخّص؟ متى صار البعض من بناتنا تخرج من منزل أهلها ولا تسأل إلى أين ومع من؟ وكأنها رجل بعدما كانت المرأة القطيفية يضرب بها المثل في الحشمة والعفاف بعضهن اليوم يخرجن للمارثونات دون ستر وعفة  ويبدأن في سفور مُتدرج وصار بعض  شبابنا شاغلهم التفحيط والقتل والسلب والنهب أبن يقتل أبوه ابن يقتل أمه ويحرقها وأب يقتل أولاده ما ذا جرى؟ صرنا كل يوم نسمع عن قضايا تدمع العين وتجرح الفؤاد والجريمة لا تخلوا من كل ساعة وكل هذا يرجع إلى أسلوب التربية الحديث والمُتطوّر. 

نحن في المجتمع العربي والخليجي خاصة قانوننا الأول اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب بل نصرف أموالنا في غير محلها كسفر اللهو و الشهوة والبذخ في الأعراس ونتبع مقولة سلم ولا تعلم ونحب الإسراف والتبذير وميزانيتنا دائما مفتوحة ونغار من بعضنا ونهمّش الآخرين ونكره النهوض الفكري والدخول في عالم التحدّي ونكره الشخص المُخترع بل نحبّطه ونعشق المُشاحنة والإزعاج ونحب الموضة وارتداء غالي الثمن حتى لو كان رديء الصنع والمرأة هي القائد والمُتصرّف الأول في الأموال ورأيها دائما هو الماشي والسديد عند أغلب الرجال ونعشق الفخفخة حتى لو كنا في وضع مُؤسف من الناحية المادية حتى لو صُنفنا من ذوي الدخل المحدود أو من الطبقة المُعدمة في المُجتمع ودائما ما نناظر الطبقات المخملية أو ما عند الغير.

نحن في المجتمع العربي نعشق الواسطة وحُب الفوضى وخرق الأنظمة وتغيب عّنا الحُرية والديمقراطية خاصة في الصحافة واستبدلنا السياسة بمشاكل الفنانين والفنانات والمُطربات وقضاياهم الاجتماعية والخاصة وإعلامنا مرهون ٌ برغبة الكبار وأولادنا يملكون جوالات منذ نعومة أظافرهم ونكره التوعية وُنقدّس مقولة المُجتمع غني ولا حاجة للاجتهاد ونعشق المُجاملة والتطبيع والتصفيق ونعتقد أننا في تطور ونحن نجهل أبجديات هذا التطوّر ونسينا أننا شعب مُستهلك وغير مُنتج لأن التطوّر هو الوصول إلى التقنية والاختراع والابتكار فهل التطوّر أعزائي أن يستعير الأب سيجارة من أبنه عندما ينفذ باكيته؟ وهل هذه هي التربية المُتطورة؟ 

نحن في المُجتمع العربي وخاصة ً الخليجي البعض منّا يُشاهد المُسلسلات التركية المليئة بالقبلات والعِناق وأولاده معه ونعتبر ذلك من التطوّر والانفتاح أو من الثقافة الجنسية ونحن أصلا ً مُصّنفين من المُجتمعات المُحافظة والمتدّينة والمُلتزمة ويجب أن لا نشاهد تلك المُسلسلات و بعض نساؤنا يشربن الشيشة في المقاهي و يلبسن العبايات المُخصّرة وزاهية الألوان ويسبقهن عطرهن الفواح ونحن الرجال في صمتٍ تام نعم نحن نريد التطوّر ولكن هناك مبادئ وحُدود يجب أن لا نتخطاها وأنا أقولها وبكل صراحة لقد سعى الغرب سعياً حثيثاً لهدم مبادئنا وقللوا من غيرتنا وفعلا ً نجحوا في بعض الحالات وسعوا لنشر هذه المبادئ في صحفهم أما انفتاحهم الخاص بهم في تعتيم إعلامي لأن هذا الانفتاح الذي نتبعه اليوم وتقليد الغرب في كل شي كان يقصد به أن تخلع المرأة العربية والمسلمة حجابها وتبدأ بسفورها وُترسل لها دعوة ً للتحرر.

نحن في المُجتمع العربي بعض شبابنا تحوّلوا إلى فتيات يملئهم المُيوعة والغنج في اللباس والتقليد وأصابهم الشذوذ الجنسي وأصبحوا ما يسمى بالشيميل أو الجنس الثالث وبعض فتياتنا تحوّلن إلى السحاق أي أن تترّجل المرأة وتعاشر مثيلتها من النساء فهل هذا هو التطور أعزائي القراء؟ ولماذا صرنا نتبع الغرب في كل شيء؟ لماذا لا نقطف ما يحلوا لنا ويليق مع مبادئنا وقيمنا ونتخذه؟ لماذا صرنا نأخذ السلبيات منهم وأهملنا الإيجابيات؟ هل فعلا ً لم نوظف العولمة في مكانها الصحيح؟ ولماذا لم يتخذ الإعلام أسلوب التوعية المُكثف لمحو هذه الظواهر؟