الزواج شراكة حقيقية"3"

أهلاً بكم من جديد في سلسلة: "الزواج شراكة حقيقية", نستذكر ثم نستكمل المشوار, كان حديثنا في الجزء السابق عن التمهيد لمشروع الزواج في الأسرة, وتناولنا خطر الاتحادات على الزواج مستقبلاً, واستبعدنا أسلوب الحسم, وطلبنا من الجمهور التأمل في شجرة الموز, فما هي رمزية شجرة الموز, وما ارتباطها بقضيتنا؟

لكي نجيب على هذا السؤال, عليك التأمل في شجرة الموز والنخيل, ومعرفة الفرق بينهما؟

من المعلوم أن شجرة الموز تسمى بقاتل أبيه, لأنها حينما تنضج يستلزم قطعها, كي تنبت شتلة من شتلاتها الصغيرة, أما النخيل فبالعكس, فحينما تكبر ينمو حولها مجموعة من الشتلات التي يمكن أن تستمر بالنمو مع وجود النخلة الأم, كما ويمكن اقتلاع الشتلات الصغيرة وزرعها في مكان أخرى, وتبقى تعطي ثمارها, غير متخلية عن صفاتها التي اكتسبتها من النخلة الأم!.

ونحن البشر لدينا الثقافتين, ثقافة النخيل, وثقافة الموز, ولكن ثقافة النخيل هي الأفضل؛ لأنك حينما تحمل ثقافة النخيل فأنت يمكنك النمو والعطاء والإنتاج, والاستقلالية, وتمرير التراث الإنساني, من الجيل السابق (الأجداد), إلى الجيل اللاحق (الأحفاد).

ولكنك حينما تمتلك ثقافة الموز, فأنت قد تمتلك الاستقلالية, والنمو والإنتاج والعطاء, المادي بدون المعنوي, لعدم إمكانيتك تمرير التراث الإنساني, والذي يسهم بالمؤوى العاطفي والروحي والديني للفرد.

إن الإنسان بدون التراث الإنساني والذي يؤمن للفرد النمو السليم في جميع المناحي والجنبات, يعتبر مفرغًا من كل شيء, فلهذا نحن بحاجة للاستقلالية, ولكن ليس على حساب قطع الروابط والعلاقات الإنسانية, فلهذا يستلزم علينا تقليل الاتحادات في الأسرة, كي يمكننا المحافظة على هويتنا الإنسانية, وثقافتنا البشرية, وهويتنا الدينية.

• ما هي الاتحادات وما الفرق بينها وبين الكيانات؟

الحقيقة أن الفرق بين الكيانات والاتحادات, فرق واضح, فالكيانات هي حالة صحية, في حين الاتحادات هي حالة مرضية, وكيف ذلك؟

الكيانات تؤكد على هرمية السلطة, وهرمية الوظائف والأدوار, فأنت الابن لا يمكنك فيها التسلط على والديك, ولا يمكنك أخذ أدوار الأب أو الأم في الأسرة, لأن أبويك هما أعلى منك من حيث ترتيبهما في السلطة, وكما لا يمكنك التسلط على أخوتك وأخواتك, لأنك تتساوى معهما في المستوى, ولكن يمكنك تبادل الأدوار في تحمل المسؤولية, بما يتناسب مع المواقف الحياتية.

في حين الاتحادات تعمل على تمزيق السلطة في الأسرة, وعدم تحمل الوظائف والمسؤوليات, وإلقاء الأعباء على الأفراد الأضعف في الأسرة, كما ويتم خلق أفراد من نوع كبش فداء, لرمي جميع التبعات عليهم في كل مواقف الحياة, وكأنهم حمل ثقيل على الأسرة.

هذا وتعمل الاتحادات على تعطيل المشاريع والأفكار المطروحة في الأسرة إلا بما يتناسب مع مصلحة أفراد كل اتحاد, هذا وتعمل على خلط الأوراق, وتقسيم الأسرة وإعادة صياغة المواقف, وعمل مقايضات أمام كل مشروع, وكأن الأسرة مجموعة مصالح, لا مجموعة أفراد يحملون نفس رابطة الدم, والروح, والفكر, والثقافة والحس الإنساني, والطموحات, والتطلعات.

• ما هي مبادئ الاتحادات؟

تؤمن الاتحادات, بمجموعة من المبادئ, وهي:

1. صديق صديقي صديقي, عدو صديقي عدوي, صديق عدوي عدوي, عدو عدوي قد يكون صديقي, ولكن ليس بالضرورة صديقي.
2. أنا وأخوي على ولد عمي, وأنا وولد عمي على الغريب.

وهذا الأسلوب من العلاقات الأسرية تسير إلى تمزيق كيان الأسرة, وتفريغه من محتواه النبيل, لتتحول الأسرة لمجموعة من التحالفات المُمزقِة والمُمزقَة.
لنرجع إلى رسم العلاقات الأسرية في حالة ظهور تحالفات واتحادات رافضة لمشروع الزواج, والذي يمكن التعبير عنها بالأسرة الغير مهيأة لاستقبال فكرة الزواج, لنرى كيف سيؤثر هذه التحالفات والاتحادات على الزواج, والعلاقة مع الزوجة. (راجع شكل 4)الزواج شراكة حقيقية4

يتضح من الشكل السابق, أن العلاقة متوترة بين الاتحاد الرافض, وبين الزوج, مما سيؤثر على العلاقات القائمة في الأسرة, لا بل قد تمتد إلى أن تصل لمرحلة التواصل المتقطع, بين الاتحاد الرافض وعضوية الزوجة, وأقصد بعضوية الزوجة: أي الكرسي الفارغ والتي ستشغله الزوجة مستقبلاً, حيث أن العلاقة متقطعة ليس بسبب عدم مطابقة الزوجة للمعايير, أو لأن الزوجة غير مرحب بها لعيب فيها, أو لمشكلات واقعية, وإنما السبب يرجع؛ لأنها تشغل كرسي غير مرغوب فيه, فمهما كانت تلك الفتاة التي ستشغل هذا الكرسي فسوف تكون غير مرحب بها, إلا في حالة واحدة ألا وهي أن تكون الفتاة مرشحة من قبل الاتحاد الرافض!, حتى لو كانت على حساب المعايير التي تتناسب مع الزوج.

تحدثنا في هذه المرحلة بجميع أبعادها, ويبقى أمرين, ألا وهما:

• هل يتم الطلاق في هذه المرحلة؟

الجواب: لا يتم الطلاق في هذه المرحلة, لعدم كتابة العقد, ولكن قد تؤثر هذه المرحلة على استقرار الأسرة الوليدة, مما قد يوصلها في مرحلة من مراحل دورة حياتها للطلاق, ولا ننسى أننا وضعنا في بداية كتابة هذه السلسلة أن طموحنا هو الوصول لأسرة سعيدة تحمل بين طياتها الاستقرار الأسري والإشباع لجميع حاجات أفراد الأسرة بما يتناسب مع إمكانياتها.

• ما هي معايير اختيار الزوجة؟

وهذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة..... تابعونا

طالب ماجستير في الإرشاد النفسي