الوحدة الوطنية مع تعدد الأديان

 

لعل من أولويات التعايش بين المذاهب الإسلامية الهم المشترك بينهم وهو الوطن، وضمن القاعدة التي تقول إن الدين لله والوطن للجميع، فإذا كان هذا المبدأ خالداً في المجتمعات الإسلامية ساد التعايش بينهم.
ولكي تتحقق الوطنية لا بد من الثقة المتبادلة بين المجتمعات وعدم التشكيك في وطنية بعضهم البعض، حيث إذا حصلت الثقة المتبادلة بينهم وعدم تصفية الحسابات التاريخية على حساب الوطن، فإن الوطن في العادة يضم الجميع على اختلاف المذاهب أو المدارس الفكرية وغيرها.
ولا بد لنا أن نتعرف على معنى الوطن والوطنية؟فقد جاء في لسان العرب في معنى الوطن هو المنزل الذي تقيم به، وهو موطن الإنسان ومحلّه، وأوطان الغنم والبقر: مرابضها وأماكنها التي تؤوي إليها، وطن بالمكان وأوطن أقام، وأوطنه اتخذه محلاً ومسكناً يقم فيها، وأوطنت الأرض ووطنتها توطيناً واستوطنها أي اتخذتها وطناً
فالوطن هو الذي يقيم فيه الشخص والذي يكون فيها مقراً له ولعائلته.
والاختلاف في الرأي والعقيدة لا يستوجب إقصاء الآخرين واتهامهم بعدم المواطنة حيث إن هذه الطريقة من الإقصاء طريقة المتسلطين فقد جاء في القرآن الكريم في سورة الأعراف «قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ».
وكما ان هناك مدرستين رئيسيتين ترجع لهما المذاهب السنية على اختلاف مواطنها فهناك المرجعية السعودية حيث ترجع لها كثير من الدول الإسلامية ومرجعية الأزهر، فقد يكون في مصر من يتعبد بمرجعية السعودية وقد يكون العكس من ذلك، كذلك المسيحيون في العالم لهم مرجعيتهم المعينة على اختلاف أوطانهم.
والمسلمون الشيعة كذلك يوجب عليهم مذهبهم الرجوع إلى مرجعية معينة ضمن ضوابط يرجعون إليها ويتعبدون بها سواء كانت هذه المرجعية الدينية في أوطانهم أو خارجها، ولا يشترط فيها أن تكون ضمن الوطن الذي يقطنون فيه، حتى أن اللغة ليست شرطاً عليهم.
الرسول محمد هو أول من أرسى دعائم الوحدة الوطنية مع تعدد الأديان، ففي هذا الصدد «وحينما هاجر إلى المدينة وأقام المجتمع الإسلامي هناك، عمل صحيفة معروفة في التاريخ بصحيفة المدينة التي تتحدث عن علاقة المسلمين فيما بينهم، ثم عن علاقتهم مع بطون اليهود المقيمين آنذاك في المدينة، ومما جاء فيها (وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين، ويهود بني عوف امة مع المؤمنين، لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم).
فالعيش المشترك بين المسلمين في الوطن الواحد هو مبدأ إسلامي مثله مثل باقي المبادئ التي أرسى دعائمها ديننا الحنيف، فكل واحد منا عليه حقوق تجاه الوطن الذي يعيش فيه وينشد إليه بغض النظر عن الانتماءات الدينية المختلفة بين المواطنين.