واصل .. يا تواصل

 يفيد التواصل في اللغة العربية بـ : الإقتران ، والإتصال ، والصلة ، والترابط والإلتئام ، والجمع ، والإبلاغ ، والإنتهاء ، والإعلام. أما في اللغة الأجنبية فكلمة communication تعني إقامة علاقة ، وتراسل ، وترابط ، وإرسال ، وتبادل ، وإخبار وإعلام ،  وهذا يعني أن هناك تشابها في الدلالة والمقصود بين مفهوم التواصل العربي ،  والتواصل الغربي .  

 وفي ضوء هذا التعريف بشقيه " العربي ، والغربي " يتضح الهدف السامي والنبيل الذي ترمي إليه عملية التواصل الإنساني ألا وهو : الإرتقاء بالإنسان فكراً وسلوكاً ومنهجاً . لأنه أساس كل تقدم ، ومحور كل حضارة ، وثروة كل مجتمع التي لا تضاهيها ثروة إذا ما تم إحسان إستغلالها ، وإستثمار طاقاتها الفكرية ، والفسيولوجية .

 من هذا المنطلق فقد كان الإختيار موفقاً لإطلاق إسم " تواصل " على المشروع الذي تداعت لتأسيسه " نفوسٌ زكية " من نفوس بلدتنا الغالية ، الكرام أهلها ، الطيبة طبيعتها ، الندية بطون أياديها في حقول البر والخير والنماء . إذا ما صفِيت النيّات ، وتوحّدت الغايات ، واتّحدت الخطوات ... بإذن الله .

 فمنذُ الإجتماع التأسيسي لهذا المشروع الذي إستضافته قاعة الهدى بجمعية أم الحمام الخيرية ، وما واكبه من إنضباط واضح عمد المنظمون على تحقيقه منذُ اللحظة الأولى لبدء فعاليات الإجتماع ، والطريقة الإحترافية التي أُديرت بها محاوره الطموحة ، وما تمخّض عنه من تشكيل لجان متعددة باشرت في عقد الإجتماعات المتتالية حتى تاريخه ، بات مؤكداً أن الموضوع لم ولن يكون بإذن الله " ضَوْ لِيفْ " كما وصّف الأخ العزيز الأستاذ : بدر الشبيب في مقال سابق له يتعلق بموضوع آخر على شبكة الإنترنت .

هذا المشروع الذي يعكس بجلاء وعي المجتمع بضرورة التعاون والتكاتف ، وأهمية عنصر " المبادرة  " في تحقيق أي تنمية إجتماعية على مُختلف الأصعدة والأنساق الإجتماعية ، ويؤشر بقوة على إنتظام وصحة وسلامة  " نبض المجتمع " وإحساسه العميق ، ووعيه الراسخ ، بكل المكائد والمحن التي تستهدف إضعاف تماسك نسيجه الإجتماعي ، والنيل من منظومة قيمه الداخلية التي تحفظ له توازنه ، وتضمن إستمرار  مشاركته الفاعلة في عجلة التقدم والبناء ، وتصيبه في مقتل من خلال النهش الدائم في مكامن قوته المتمثلة في نشئه الواعد ، حتى يُصبح جسد بلا روح ، أو روح ليس لها قرار .

 وبالرغم من تعدد نماذج الإتصال ، أو التواصل ، إلاّ أن ما يهمنا في هذا السياق هو  " النموذج الاجتماعي " الذي يعتمد على فهم طريقة انتماء الأفراد إلى الجماعات . فالمرسل هو المعتمد والمستقبل هم الذين يودعون في جماعات أولية اجتماعية مثل العائلات والتجمعات والجماعات الصغيرة…

وهؤلاء الأفراد يتأثرون ويفكرون ويحكمون ويرون الأشياء بمنظار الجماعات التي ينتمون إليها والتي بدورها تتطور في حضن السياق الاجتماعي الذي أفرزها. وينتمي هذا النموذج إلى علم الاجتماع ولاسيما إلى " علم النفس الاجتماعي " حيث يرصد مختلف العلاقات النفسية والاجتماعية بين المتواصلين داخل السياق الاجتماعي. وهذا ما يجعل هذا النظام يساهم في تأسيس علم تواصل الجماعة ، ويرسخ قواعد " الضبط الإجتماعي " في كافة قوالب وأشكال الإتصال الإنساني في المجتمع .

 من هنا فنحنُ جميعاً مدعوون لدعم هذا المشروع الوليد ، وإحتضانه ، وتوفير البيئة الصحية له ليكبر وينمو ، ويتفاعل من أجل تحقيق التكامل مع أقرانه المماثلين في  دائرته الإجتماعية الواسعة . لأن  : " ما هو واجب الجميع ليس واجب أحد " فليس من المرؤة أن نقف متفرجين وكأن الإنتماء لهذا المشروع هو " فرض كفاية " إذا قام به البعض سقط عن البعض الآخر . فما دام هذا المشروع يهدف إلى إخماد الحرائق ، بل والوقاية منها ، والتي باتت تلتهم فلذات أكبادنا ، بل هو أبعد من ذلك بكثير لأنه حسب ظني يمثِّل " مشروع إنقاذ طويل المدى " أكثر منه مشروع علاج مؤقت . والحال كهذا فمن المؤمل أن تتسع رقعة التفاعل الحيوي مع المشروع في المنازل ، والجوامع ، والمآتم ، والمدارس ، والنوادي ، والمنتديات الإجتماعية والإلكترونية ، لأن " تواصل " الذي بادر في تأسيسه " نفرٌ من المؤمنين " بقضايا مجتمعهم لن يؤتي ثماره المنتظرة دون تكاتفنا جميعاً مترفِّعين عن الشخصنة المقيتة ، والمزاجية المفرطة في التفريط بكل ما هو مُلح وجاد ، لأننا بصريح العبارة مسئولون " مسئولية تضامنية " عن هذا المشروع الإستراتيجي الذي لا غنى للأجهزة الرسمية عن تعاونه معها ، وتكامله مع جهودها المشكورة ، لأن إبن البلد هو  خط الدفاع الأول لتحقيق الأمن الإجتماعي على وجه الخصوص . أفليس تواصل بحاجة ماسة لتواصلنا جميعاً ؟  لا أعتقد إطلاقاً بأن من يملك ولو ذرة من عقل أن  يجيب بالنفي . فكيف بمن أنعم الله عليه بكامل القوى العقلية . تحياتي ودعائي لكم بالذرية الصالحة ، والأجر والمثوبة ، اللهم آمين .  

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 6
1
المستقل
[ أم الحمام - القطيف ]: 4 / 2 / 2010م - 12:01 ص
الأستاذ الغالي / أبو علي
تأكيدك على الوقوف مع هذا المشروع الخير لم يكن مستغربا عليك فأنت دائما و أبدا تدعو للتواصل مع الاخرين و تفهم الاخرين و تقبلهم بما هم حتى و ان خالفونا الرأي . سيدي العزيز الطائفة التي تدعو الى حوار الحضارات و تنادي به في جميع المحافل دليل على ثقتها بنفسها و قدرتها على استيعاب الاخر و احترامه و لهذا ليس بغريب عليها أن تخلق روح التواصل فيما بينها و ان تعددت أطيافها و ألوانها . أستاذي العزيز ( تواصل ) مشروع أجتماعي أنبثق نتيجة ظروف اجتماعيه يمر بها المجتمع و لهذا أخد الخيرين و الغيارى من أبناء هذا المجتمع على عاتقهم أن يعملوا جاهدين لتفادي وقوع هذا النوع من الأخطاء السلوكيه مستقبلا من خلال برماجعها المدروسه الواعيه . هنا لا يسعني الا أن اقول نعم ثم نغم ثم نعم للتواصل فكلنا المستفيد من نجاح هذا المشروع الخير و كل ما أخشاه على هذا التواصل من أن يستحضر الأنا الشخصي و الحزبي و لكن ثقتي الكبيره برجالات المشروع و مدى معرفتي بأيمانهم و حسهم الاجتماعي كفيل لأنجاح هذا المشروع و تغليب المجتمع على الأنا و نعم للتواصل و لا للتمزق و التفرق . شكرا لفكرك التواصلي و دمت لنا بخير و عافيه .
2
ابراهيم بن علي الشيخ
4 / 2 / 2010م - 9:28 ص
أخي الواصل والمتواصل : المستقل
لم أستغرب إطلاقاً موقفك الإيجابي من المشروع لأنك من دعاة الخير والأُلفة والإصلاح الإجتماعي ، كما أن ثقتك برجالات المشروع تعكس بجلاء إنسجامك مع ذاتك ، ومع مجتمعك الذي تنتمي إليه . ولقد أكدّ المبادرون إلى تأسيس المشروع في إجتماعهم الموسّع الذي عقدوه لإشهاره أنه مُلكاً للجميع . فمن بخل في التعاون فقد بخل على نفسه في الأجر والمثوبة . أما مسألة الإسفسار من القائمين عليه فهو حق مشروع وهم كما أكدوا في الإجتماع على إستعداد لتقبل وجهات النظر من أجل إنضاجه وترسيخه . أكرر شكري لك على دعمك ومساندتك لكل خير يا وجه الخير .
3
بدر الشبيب
[ أم الحمام - القطيف ]: 4 / 2 / 2010م - 4:19 م
أخي العزيز الأستاذ ابراهيم الشيخ
بمثل وقفتكم وتشجيعكم يمكن للمشروع أن ينمو ويستمر.
المشروع كما ذكرت مسؤولية تضامنية، نجاحه نجاح للجميع، المشروع انطلق من حس اجتماعي عام بالأخطار التي تهدد كل فرد منا، وكل هدف المشروع الإصلاح والإصلاح فقط.
أرجو أن يشارك الجميع فيه ولا سيما الشباب بعطائهم فكرا وجهدا ووقتا ومالا.
أشكرك على هذه اللفتة الجميلة واللمسة الأجمل.
4
ابراهيم بن علي الشيخ
4 / 2 / 2010م - 7:55 م
أخي المخلص : الأستاذ بدر الشبيب
ما تفضلت به من ثناء ينم عن ذوقك الرفيع ، لأن ما قمت به يقع في إطار الواجب المُلزم لي كفرد يتقاسم العيش المشترك ، بل والمصير مع المجتمع الكريم في هذه البلدة الطيبة التي أنعم الله عليها برجال مخلصين أمثالكم . أتمنى لكم التوفيق والسداد ،
5
السيد هادي السادة
5 / 2 / 2010م - 4:57 م
ابو علي موضوع رائع و انت لست بحاجة الى الثناء ...
وأحب التأكيد للقائمين على المشروع بأن من أهم عوامل نجاح المشروع انضمام الفئات العمرية 25 - 30 من الشباب حيث وللأسف تخلو لجان المشروع الى تلك الطاقات التي انت تعلم أكثر منى بدورها في الحراك الأجتماعي وقدرتها على التأثير في مسار العمل التوعوي .....
دمت يخير
6
ابراهيم بن علي الشيخ
5 / 2 / 2010م - 5:44 م
أخي الفاضل : أ . السيد هادي السادة
أسعدتني مداخلتكم اللطيفة ، وإقتراحكم الموقر أضعة برسم القائمين على المشروع ، مع خالص أمنياتي لكم بالتوفيق في المخيم التوعوي الذي بادرتم والمخلصون من حولكم لتنظيمه خلال شهر ربيع الأول 1431 هـ والذي يهدف لنشر وتعزيز الحس الأمني الإجتماعي . بارك الله جهودكم ، ووفقكم لخدمة أبناء المجتمع . تحياتي .
إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية