«لا تقف متفرجا!»

وكأن الأمر لا يعنينا ويمر عابرا علينا ولا يحظى باهتمامنا، حيث نقف هناك بعيدا متفرجين على كل مبدع أو مخترع أو مفكر أو ناجح، نتفرج صامتين ودنما حراك، لنشاهد إنجازاتهم تتوالى الواحد تلو الآخر في مسرح الحياة الكبير الذي يفتح بواباته الواسعة؛ كي يحتضن المبدعين والمخترعين والمفكرين ليس إلا...

نقف مشدوهين مقيدين صامتين، ونظن أن هذا هو دورنا الذي أجبرنا عليه، ولا بد أن نقوم به على أكمل وجه، ولكن أين ذلك الدور؟! وما هي طبيعته ومهامه؟! إننا في واقع الأمر لا نقوم بشيء، فنحن في مرحلة اللادور بهذا التوصيف الذي ذكرناه في أسطر كلامنا الأولى.

إن دورنا الحقيقي يبدأ عندما نؤمن ونعتقد ونتيقن بقدرتنا على الإنجاز والتميز، يلي ذلك السعي للوصول إلى تلك النقطة المضيئة مع التسلح بالأدوات اللازمة لتحقيق المكانة التي طالما كنّا ننظرإليها من بعيد ولا نراها في أنفسنا بل في الآخرين ممن تميزوا وأبدعوا.

عندما نمارس - وبكل استسلام وسلبية - دور المتفرج فقط فإننا نقتل كل إبداع فينا، نقتل طموحاتنا، نلغي حقنا، وندمر أحلامنا؛ لذا لا بد لنا من التحرك وعدم التقوقع في هذه الخانة والبقاء فيها، لقد حان الوقت لنملأ حياتنا بالأفكار التي تصاحبها الأصالة والتجديد، لقد حانت اللحظة التي نرتدي فيها القبعة الخضراء التي لا يعنيها سوى الإتيان بالفكرة الإبداعية والإبداعية فقط، والتي تجعلنا في القمة، لننضم إلى تلك القائمة - التي لا تنتهي ولن تنتهي - من المبدعين والمخترعين والمفكرين.

الانتقال من ضفة إلى أخرى، ومن شاطئ إلى مثله، ومن سفح إلى قمة، ليس بالأمر اليسير، فمن تميزوا عانوا الأمرّين وكابدوا وتعلموا واجتهدوا وكافحوا وخططوا، ثم تعثروا وسقطوا وربما فشلوا في بعض مراحل الانتقال، لكنهم قاوموا وأصروا وثبتوا ولم يستسلموا، حتى نجحوا ووصلوا إلى ذلك المكان الذي تحدق فيه - أنت أيها المتفرج - بعينيك إعجابا وانبهارا واندهاشًا، وتتمنى لو كنت تنتمي لذلك العالم وأن تكون جزءا منه، ولَك حصة إبداعية فيه، أو تمتلك منجزا أو منتجا تتفاخر وتتباهى به أمام الجميع.

محطة أريد أن أقف عندها وأجتمع معك فيها لنرتشف قدحين من القهوة الفرنسية، وأصارحك بعلامات استفهام كثيرة مختومة بعلامات تأثر، وكلها تتعلق بعنوان المقال، ومنها:

إلى متى ستبقى متفرجا؟!

هل تريد أن تكون في القمة مع المبدعين؟!

ما هي إستراتيجيتك للوصول إلى تلك البقعة الضوئية؟!

وغيرها الكثير من العلامات التي تملأ ذلك الصندوق، والتي تحتاج منك لإجابات واضحة ومفهومة وغير مبهمة، إجابات تكون الطلاقة فيها والاسترسال والوضوح أهم ما يميزها، وعندما تجد نفسك مستعدا لتجيب عن كل تلك الأسئلة، مع توقعك لأسئلة أخرى مفاجئة، فتعال لنجتمع سويا، ولترسم إجاباتك الرائعة على تلك الأوراق البيضاء، لتضعها في صندوق الأسئلة.

ولتختر أي مشروب تحب؟!