ذو الفقار نزل من السماء أم عالجه نافخ الكير؟

ذو الفقار نزل من السماء أم عالجه نافخ الكير؟

في القضايا التشكيكية ينقسم الناس غالباً إلى ثلاثة أقسام: منكر و مثبت و متوقف.   فالمنكر و المثبت يتجادلان بسوق الأدلة و الحجج و الشواهد و يستخدم كل منهما سبله المنطقية و منهجه في التفكير.  وبكلمة أخرى لا يحصل الاختلاف إلا في غير البديهيات فالمسلمات  كوجود الناس على الأرض و تنوع الكائنات و استمرار الزمن و حتمية الموت و زيادة الأكثر على الأقل لا يختلف عليها عاقل – و يتوقف من تساوت عنده الحجج أو تشوشت عليه الأدلة و جهل وجوه الاستدلال. 

و من الأمور التشكيكية التي لا يمكن التعامل معها باعتبارها مسلمات أوبديهيات حتمية أحداث التاريخ و ما جرى فيه.  إذ هي من غائبة عنا و لا سبيل إلى معرفتها إلا بالأدلة التاريخية كالنصوص و الآثار.  و تزداد المشكلة تعقيداً إذا اعتمد التحقيق على النصوص المدونة في بطون الكتب و حسب,  و تتفاقم أكثر عند تدخل السياسة في تدوين التاريخ الذي يكتبه المنتصر و ينزوي المغلوب عن المنافسة و طرح الرأي المقابل.   هذه مقدمة أردنا منها كشف الأسباب وراء ضرورة التمحيص عند تناول التاريخ من مصادره المتوفرة. 

و تبرز مشكلة أخرى بعد الاتفاق على حقيقة تاريخية معينة و الاجماع على حدوثها و هي مشكلة التفسير و الفهم , فكثير من الأحداث يمكن أن ينظر إليها من زوايا متعددة.  فمثلاً يرى البعض أن الخلفاء في العهدين الأموي و العباسي كانوا يمجدون العربية و الأدب و يكرمون الشعراء و هذا من مفاخرهم و في المقابل يرى البعض الآخر أن هذا من الخطايا الأخلاقية حيث الذوبان في الذات و تضخيمها و تبذير أموال الأمة الإسلامية و هبوط المجتمع إلى تمجيد أفراد ليس لهم من الدين نصيب.   و كلمة النبي في معاوية لا أشبع الله بطنه فهمها البعض بأنها دعاء له بالبركة في الرزق حيث كانت تأتيه في خلافته صنوف الطيبات التي أغدقت على الأمة الإسلامية, و فهمها البعض الآخر على أنها دعاء عليه بالجوع.   و حادثة السقيفة يعدها البعض مؤامرة لتنحية أمير المؤمنين عن الخلافة و يراها آخرون اجتماعاً ضرورياً لحفظ الأمة الإسلامية من التشتت و الفتنة.  و في أحداث المغول لا ينكر أحد علاقة الطوسي بهولاكو ولكن يراها البعض علاقة اضطرارية تمكن من خلالها نصير الدين الطوسي (597- 672) – ليس شيخ الطائفة (385- 460)– من إنقاذ ما تبقى من العلماء و العلوم و المكتبات ويراها البعض عمالة و خيانة و كيداً للمسلمين.   و هكذا جميع الأحداث التاريخية. 

 

و من الأمور التي يدخل فيها العامل النفسي و الفكري و العقيدي ما يتعلق بالكرامات و التأييد الإلهي الغيبي.  و كمثال نستحضره من عصرنا الراهن ماحدث في جنوب لبنان في الحرب ضد العدو الإسرائيلي , فهل كان الانتصار أو على الأقل (الصمود) بوجه العدوان العارم و شراسة المعارك إلهياً مؤيداً بالغيب أم أنه توازن أحدثته تقنية عسكرية متطورة وتدريبات صارمة أنضجتها السنون الحامية من الصراع عبر ربع قرن من الزمن.  ربما يستحضر المعارضون للتفسير الغيبي النموذج الفيتنامي حيث لا يقبل أحد من الشيعة و لا من المسلمين أن يكون انتصارهم معزواً إلى أسباب غيبية و تأييد رباني.  وعلى كل لا أريد من هذا العرض إلا بيان التفاوت الشديد في فهم الأحداث بين الناس.  لكنني أزعم انني ألتزم الفهم الإسلامي الشيعي الأصيل المتوازن فلا ضير في مثالنا الأخير أن يكون حزب الله قد أنجز نصراً إلهياً ربانياً و نال تاييداً غيبياً لثلة آمنت بربها و صبرت في مواطن الشدة ﴿ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ (65) سورة الأنفال .  ولا شك أن الإسرائيليين قوم لا يفقهون لا بالمفهوم القرآني الديني ولا بمفهوم التكتيك العسكري و السياسي المعاصر و هذا مشاهد و ملاحظ لمن يتتبع الأحداث. 

و بعد هذا التمهيد أود تناول حادثة تاريخية ذات عدة جوانب و هي المقولة المشهورة المتداولة على الألسن ( لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار)

فمن قائلها؟

و ما معناها ؟

ومتى و أين قيلت؟

و لماذا قيلت؟ ما الفائدة من قولها؟

ومن الذي قبلها و من الذي أنكرها؟

و من أين اتى السيف؟ أسماوي هو أم أرضي؟

 

و رغم أنها لا تشكل إلا جانباً من فضائل أمير المؤمنين قياساً إلى فضائله التي لا يحصيها العادون, إلا أن أهمية تناولها تكمن في تحديد المنهج و الأسباب التي بموجبها يتم قبول أو رفض الأخبار و الأحداث التاريخية.  وعندما نتحدث عن نداء من السماء ينادي به جبرئيل أو عن سيف ينزل من عند الله إلى النبي لا نتحدث عن كرامة عادية و حادثة بسيطة كترائي صورة مرجع راحل على سطح القمر لا يرى صورته إلا أتباعه و محبوه ممن يقطن في الشرق الأوسط في النصف الشمالي من الكرة الأرضية.   و إذا كانت المبالغة و الاستغراق في قصص الكرامات للأولياء و الصالحين و العرفاء من علمائنا قد أحدثت قطيعة بين المثقين المتنورين و بين الاستلام للسيل العارم من قصص الكرامات , لا ينبغي أن تنجر هذه القطيعة لتشمل كل حدث تاريخي لا يخضع لمقاييس المادة.

وقد أشكل على هذه الحادثة بأنها تنقص من شجاعة أمير المؤمنين و لاتزيده فخراً فالفخر هو التكافؤ في السلاح بحيث يكون سلاح أمير المؤمنين كسلاح المشركين مصنوعاً في الأرض بيد الحدادين و ليس سيفاً نازلاً من السماء, بل لو كان سيفاً نازلاً من السماء لتمكن أمير المؤمنين من حسم معركة صفين لصالحه في غضون أيام.   و لا يعني وجود الحادثة في كتب الحديث و التاريخ شيئاً فرب مشهور ولا أصل له, بل قد يكون من أثبتها في الكتب الشيعية من الغلاة الذين لا يؤخذ منهم.

 

و قبل ذكر مصادر هذه الفضيلة العظيمة لأمير المؤمنين أود التطرق إلى الجانب اللغوي و إبراز المعنى الذي تنطوي عليه.  أولا: لا النافية تستبعد اي شريك لأمير المؤمنين في هذه الفضيلة فلم تكن الجملة على هذا النحو:  الفتى هو علي و السيف هو ذو الفقار.  بل لا فتى ثم الاستثناء بإلا.   أضف على ذلك ما توحيه كلمة فتى من معاني الشجاعة و القوة و النبل و الكرامة, ففي علم الدلالة تُلاحظ الفروقات الإيحائية لكل مفردة و تُدرس ظلال الألفاظ و ما تُحدثه في فهم المتلقي.

 فكلمة الرجولة لا تعطي ذات الانطباع الذي تعطيه كلمة المروءة. وكما في كتاب الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري ص310 أن الفرق بين الرجل و المرء هو أن قولنا 'الرجل' يفيد القوة على الأعمال و 'المرء' يفيد أنه أدب النفس , و المروءة أدب مخصوص.   و بالتأمل في الفرق بين الصبي و الفتى نعلم أن قولنا 'الفتى' يوحي بالصفات النبيلة كالشجاعة و الكرم و طيب المعشر أما كلمة 'صبي' فتوحي بالجهل و اللهو إضافة إلى أن الصبي لغة أصغر من الفتى.

أما كلمة الفقار بالتحريك فقد جاء في لسان العرب ج5 ص63 أن المفقر من السيوف هو الذي فيه حزوز مطمئنة على متنه, وكل شي حز أو أثر فيه فقد فقر , وفي الحديث كان اسم سيف النبي صلى الله عليه وسلم ذا الفقار , شبهوا تلك الحزوز بالفقار. قال أبو العباس: سمي سيف النبي صلى الله عليه و سلم ذا الفقار لأنه كانت فيه حفر صغار حسان.  وقد ذكر الفيروزآبادي في محيطه ج2 ص 194 أن المفقر هو الذي فيه حزوز مطمئنة على متنه.

ويجدر التنبيه إلى الأمر الشهير الذي لا يخفى على ذي لب , أن فضائل أمير المؤمنين قد تعرضت لطمس و إخفاء و تحريف و تبديل و احياناً توضع لغيره فضائل منحولة طمعاً في تذويبها و تسويته بغيره.  و أذكر مثالاً واحداً :

 

-  شرح نهج البلاغة, ابن أبي الحديد, ج15 ص35.

قال الواقدي: وذهب علي عليه السلام فأتى بماء من المهراس و قال لفاطمة امسكي هذا السيف غير ذميم.  فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم مختضباً بالدم.  فقال: لئن كنت أحسنت القتال اليوم فلقد احسن عاصم بن ثابت و الحارث بن الصمة و سهل بن حنيف وسيف أبي دجانة غير مذموم.

-  البداية و النهاية, ابن كثير, ج4  ص54.

قال موسى بن عقبة: ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم سيف علي مخضباً بالدماء قال: لئن كنت أحسنت القتال فقد أحسن عاصم بن ثابت بن أبي الأفلح و الحارث بن الصمة و سهل بن حنيف.

ويبدو أنها محاولة للغض من جهاد علي و تسويته ببقية المقاتلين.

و على كل حال فالموضوع يتضمن أمرين أساسيين: النداء السماوي , فهل صحيح أنه نودي من السماء أم لا؟  ثم مصدر السيف, هل هو من عند الله من السماء أم أنه من صنع الحدادين في الأرض و قد غنمه النبي يوم بدر؟  أما تكرار النداء في بدر و أحد و اسم صاحب السيف إن ثبت أنه من غنائم بدر فليس من دائرة اهتمامنا في هذه الصفحات.

ولا حاجة لاستعراض الحوادث التي تتضمن نزول أشياء من السماء كالمائدة و التفاحة و الحنوط و غيرها , إذ أن المشكلين لا يرفضون أصل الفكرة بل الاعتراض على وجه الفضيلة في نزول السيف من السماء و كونه من عند الله.

و هذه بعض المصادر من كتب الفريقين :

أ)النداء من السماء

1-   الشيخ المفيد, الإرشاد, ج1  ص84.

أما علمت أن جبرئيل قال في ذلك اليوم و هو يعرج إلى السماء: لا سيف إلا ذو الفقا و لا فتى إلا علي.

2-   الشيخ الطوسي, الأمالي, ص 547.

فهل فيكم أحد نودي به من السماء: لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي, غيري؟  قالوا: لا.

3-   الشيخ الطبرسي, الاحتجاج, ج1  ص165.

قال أنشدك بالله أنت الفتى نودي من السماء: لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي, أم أنا؟   قال: بل أنت؟

 

ص 167

قال حسان بن ثابت:

جبريــل نادى معلــــنا         و النقع ليـس بمنجل

و المسلمون قد أحدقوا         حول النبي المرسـل

لا سيــف إلا ذو الفقار        و لا فتــى إلا عــلي

4-   شاذان بن جبريل القمي, الفضائل, ص85.

أنا الذي قال في الأمين جبرئيل عليه السلام: لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي.

5-   الشيخ الطبرسي, إعلام الورى بأعلام الهدى, ج1  ص 378.

أما تسمع مديحك في السماء أن ملكاً يقال له رضوان ينادي: لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي.  فبكيت سروراً و حمدت الله غلى نعمه.

6-   الشيخ الأميني, الغدير, ج2 ص 60.

إن الحاديث تؤذننا بتعدد الواقعة و إن المنادي يوم احد كان جبريل كما مر و المنادي يوم بدر ملك يقال له رضوان.

7-   السيد محمد باقر الصدر, فدك في التاريخ, ص99.

و إن كانت السماء قد امتدحت فتوة علي و أعلنت عن رضاها عليه إذ قال المنادي: لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي.

8-   الشريف المرتضى, رسائل المرتضى, ج4  ص119.

فعرج جبريل و هو يقول لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي. (في معركة الأحزاب)

9-   الشيخ جعفر كاشف الغطاء, كشف الغطاء, ج1 ص11.

و خبر نزول لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي في واقعة أحد و روي أنها نادى بها المنادي يوم بدر.

10-                      الشيخ الكليني, الكافي, ج8  ص110.

انهزم الناس يوم أحد ..... فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى جبريل عليه السلام على كرسي من ذهب بين السماء و الأرض و هو يقول: لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي.

11-                      الشيخ الصدوق, علل الشرائع, ج1  ص7.

كان علي عليه السلام كلما حملت طائفة على رسول الله استقبلهم و ردهم حتى أكثر فيهم القتل و الجراحات حتى انكسر سيفه فجاء إلى النبي صلى الله عليه و آله فقال: يا رسول الله إن الرجل يقاتل بسلاحه و قد انكسر سيفي فأعطاه عليه السلام سيفه ذا الفقار......   و سمعوا دوياً من السماء لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي.

12-                      الشيخ الصدوق, عيون أخبار الرضا, ج2  ص81.

على أن العلماء قد أجمعوا على أن جبرئيل عليه السلام قال يوم أحد: يا محمد إن هذه لهي المواساة من علي ........ ثم قال لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي.

 

ب)نزول السيف من السماء و كونه للرسول صلى الله عليه و آله.

1-   الشيخ الكليني, الكافي, ج2  ص17.

عن أبي عبد الله عليه السلام قال:  إن الله تبارك و تعالى أعطى محمداً شرائع نوح و إبراهيم........ و أُنزل عليه سيف من السماء في غير غمد.

إن لم يُذكر اسم السيف في هذه الرواية فإنه يستفاد منها وقوع أمر النزول على أقل التقادير

2-   الشيخ الكليني, الكافي, ج1  ص234.

عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ...  سألته عن ذي الفقار سيف رسول الله صلى الله عليه و آله من أين هو؟  قال: هبط به جبرئيل عليه السلام من السماء و كانت حليته من فضة, و هو عندي.

3-   الشيخ الصدوق, الأمالي, ص364.

سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام عن ذي الفقار سيف رسول الله صلى الله عليه و آله من أين هو؟  فقال: هبط به جبرئيل من السماء وكانت حليته من فضة, و هو عندي.

و هو عندي – لأن الإمام عنده ميراث النبوة.

4-   الشيخ الصدوق, علل الشرائع, ج1  ص7.

و كان سيفاً نزل به جبرئيل من السماء و كانت حلقته من فضة.

5-   محمد بن المشهدي, المزار, ص259.

السلام عليك يا مخصوصاً بسيف الله ذي الفقار.

الشاهد في هذه الفقرة – سيف الله – فهو من عند الله.

6-   السيد ابن طاووس الحسني, اليقين, ص216.

عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله, أعطاني ربي ذا الفقار, قال يا محمد خذه و أعطه خير أهل الأرض.  فقلت من ذلك يا رب؟ قال: خليفتي في الأرض علي بن أبي طالب عليه السلام.

7-   الشيخ علي النمازي, مستدرك سفينة البحار, ج1  ص65.

وقائع شهر شوال من كتاب وقائع الشهور للبيرجندي: اليوم السابع: و نزول ذي الفقار و نداء جبرئيل لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي.

8-   الشيخ عزيز الله عطاردي, مسند الإمام الرضا عليه السلام, ج1  ص94.

نزل به جبرئيل من السماء.

ج)القائلون بأن ذا الفقار من غنائم بدر.

ورد النص ( تنفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه ذا الفقار يوم بدر) في:

1-   سير أعلام النبلاء, الذهبي, 216.

2-   مسند أحمد, الإمام أحمد بن حنبل, ج1  ص271.

3-   المستدرك, الحاكم النيسابوري, ج2  ص129.

4-   السنن الكبرى, البيهقي, ج6  ص304.

5-   مجمع الزوائد, الهيثمي, ج7  ص180.

6-   فتح الباري, ابن حجر, ج13  ص 284.

7-   شرح معاني الآثار, أحمد بن محمد بن سلمة, ج3  ص302.

8-   المعجم الكبير, الطبراني, ج10  ص303.

9-   الطبقات الكبرى, محمد بن سعد, ج3  ص26.

10-     تاريخ مدينة دمشق, ابن عساكر, ج4  ص213.

11-     البداية و النهاية, ابن كثير, ج3  ص368.

فيا حبيبي ويا نور عيني وغناتي, بإمكانك أن تبحث و تنقب عن حجة قويمة تسوغ لك أن تضرب كل هذه النصوص الواردة في الكتب الشيعية بعرض الجدار و تقبل كلام الذهبي و ابن حجر و ابن كثير و هم من هم في التقعر و التمعر و اللحن في القول عند مواجهة أي فضيلة لأمير المؤمنين.  و لئن كان الرواة و أصحاب الكتب يأخذ متأخرهم عن متقدمهم و بالتالي لا يكون عندنا إلا مصدر أو مصدرين , فنقول أن كل المذاهب و طبيعة العلوم هي هكذا و لكن يكفينا تصديق المتأخرين للمتقدمين و إيراد الحادثة على مر العصور دون رفضها أو التشكيك في وجه الفضيلة لأمير المؤمنين

ثم العجب من أن يكون الإمداد من السماء غير موجب للفخر!  فهل الفخر أن يتم القتال بين رسول الله صلى الله عليه و آله و بين المشركين كما يتم بين جيشي فارس و الروم؟  هل الفخر أن لا ينتصر المسلمون إلا بالقوة المادية العسكرية الأرضية؟

 فأين آيات الله سبحانه ﴿ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ (26) سورة التوبة

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9) سورة الأحزاب

﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) سورة الأنفال

﴿فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17) سورة الأنفال

﴿بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) سورة آل عمران

وهل كانت قدرة أمير المؤمنين القتالية في فنون القد و القط معزوة إلى التدريبات المستمرة و حسب؟  أم هل كانت قوته الخارقة التي قلع بها باب الحصن بسبب أكل لحم الإبل و رفع الأثقال؟   كيف لا يكون التأييد الإلهي الغيبي و الإمداد من رب العالمين سبباً للنصر و الفخر و الاعتزاز؟ 

إنني أقبل أن نضرب بكل الكتب الشيعية و السنية عرض الحائط إذا تضمنت مخالفة للعقل بمعناه المنطقي كاجتماع النقيضين لا بمعنى الاستبعاد السطحي و الاستغراب النفسي الناشيء من نقصان المعلومات و عدم اكتمال الصورة. 

 

مدرس لغة انجليزية
شاعر وأديب