الظالم هو الحق و المظلوم هو الباطل!

 

 

هي نظرة سادت مجتمعي فبدأت تشوش على أفكار من يتمسكون بالحق إلى يتنازلوا عنه شيئا فشيئا، إلى أن تتغير فكرتهم فيركنون إلى الظالم دون أن يشعرون. فأصبح الظالم منصوراً ممن معه و أصبح المظلوم مخذولاً ممن معه، فتراه يأتي إلى من كانوا معه و يخبرهم بهضيمته و بظلامته! و لكن أبت آذانهم أن تصغى إليه بل و أصبحت نظرات الشفقة تدور عليه من كل الاتجاهات.

وواقعاً تراه يدافع عن حقوقنا ويتحدث بأسمائنا نحن اللذين اخترنا و فضلنا السكوت عن الحق خوفا من عواقب كلمة الحق التي تشجع بها ذلك البطل ونطق بها دون الخوف مما ينتظره، فتراه يعيش أجمل لحظات القوة رغم الآلام و القيود التي كبلت كل معتقداته ورغم وقوف الأكثرية في وجهه رافضين أن يؤيدوا أنه على الحق. نعم هي هذه لذة الحق فهو يعيش أميراً مكسراً كل الظلامات برفض الظلم و رفض الركون له.

دافع عنه بكل ما ملك، وبذل المال و النفس و الولد و نحن ما ذا بذلنا سوى النقد و سوى العتب. أهكذا وصلنا؟ بتنا نقول لا دخل لنا و ركنا إلى الظلم و نسينا قول الله ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ، وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ، ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ [هود:113]

وبات الظالم في اعيننا على الحق و المظلوم هو الباطل و شتان بين الحق و الباطل و لابد لنا من الوقوف مع المظلوم مهما كلفنا ذلك من قوة و جهد. ففي الحديث القدسي وعد ووعيد من المولى عز وجل َقولهْ : ﴿وَعِزَّتِي وَجَلالِي لأَنْتَقِمَنَّ مِنَ الظَّالِمِ فِي عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ ، وَلأَنْتَقِمَنَّ مِمَّنْ رَأَى مَظْلُومًا فَقَدِرَ أَنْ يَنْصُرَهُ فَلَمْ يَفْعَلْ ".

إذا النقمة لكلا الطرفين للظالم و لمن قدر أن ينصر المظلوم و لم يفعل، ينام الظالم فرحاً  و المظلوم مع الله ساهراً يدعوا بأنين يفطر القلب بينما عين المولى لم تنم و دموع المظلوم ماهي إلا صواعق سيضرب بها الله عنق الظالم بغتة و يأخذه إلى جهنم و بئس المصير.

مهما طال الأنين فلا بد من شمس الحقيقة أن تشرق فتبدد غيوم الظلم، فيخذل الظالم و يستبشر المظلوم و يقر عيناً بنصر الله، فمهما زادت قوة الظالم و جبروته إلا أنه بفعله و بجبروته ما هو إلا شخص يتحدى الله و من يتحدى الله لا شك زائل.

فعلينا من هذه اللحظة أن ننصر المظلوم بكل ما أوتينا من قوة لأن الله يرضى بالوقوف معه و يغضب بتركه وحيدا.