المسرحي عباس الحايك: هناك فرق بين المسرح الحسيني وما يعرض لدينا في عاشوراء

شبكة أم الحمام

 


قال الكاتب والناقد المسرحي عباس الحايك ان ما يعرض لدينا في موسم محرم وذكرى عاشوراء الإمام الحسين هو تمثيل لدور الشبيه وليس مسرحا حسينيا حقيقيا.

وقال الحايك ان المسرح الحسيني ومن اجل ان يقبل الناس عليه وان يميزوه عن دور تمثيل الشبيه يجب ألا يقام خلال فترة العشرة وخصوصا يوم العاشر، لأننا لا نستطيع ان نغير طقوسنا في مثل هذا اليوم.

كلام الحايك جاء خلال ندوة " المسرح الحسيني في ميزان الفن" والتي أقيمت مساء الأحد الماضي على مسرح ترانيم بالربيعية بجزيرة تاروت ونظمتها جماعة المسرح بنادي الفنون بالقطيف بتعاون مع مركز أسيتاج لمسرح الشباب بالسعودية.

وفي بداية الندوة قدم الكاتب الحايك نبذة عن بدايات المسرح وعلاقته بالدين، بدايتا من اليونانيين ومن ثم الكنيسة وصولا إلى المسلمين، مضيفا ان المسلمين الأوائل فلم يعرفوا المسرح، لثلاثة عوامل:

العامل حضاري: يتمثل في تأخر ظهور الاستقرار في الحياة الاجتماعية والمدنية للعرب حيث أن المسرح لا ينمو الا في ظل حياة اجتماعية مستقرة ومعقدة. وثانيا العامل عقائدي: يتجلى في امتناع العرب المسلمين عن ترجمة المسرح اليوناني لتعارض مضمونه الوثني مع العقيدة الإسلام.

وأخيرا العامـــل أدبي: يتجلى في الاعتقاد السائد بأن الشعر هو سيد الفنون، وديوان العرب،  والشعر العربي لم يغادر غنائيته إلى الملحمية التي يمكن أن تولد دراما ومسرحا، وظل حبيس هذه الغنائية للاعتقاد الراسخ بأن البلاغة هي الأكثر تفوقا وهم يمتلكونها.

وانتقل المسرحي الحايك بالحديث عن طقس الشبيه، وظهر هذا الطقس بعد مأساة استشهاد الإمام الحسين في كربلاء، حيث التمس المسلمون الحاجة الماسة لتجسيد المأساة في ذكرى استشهاده السنوية في عاشوراء عبر طقس (الشبيه) أو ما يسمى (مسرح عاشوراء).

وقال الحايك ان هذا الطقس تراجيديا إسلامية ذات طابع إخباري، وتربوي وعظي تهدف إلى التعريف بأحداث المأساة الدموية التي راح ضحيتها الحسين ومن معه من أهل بيته وأصحابه، واستقاءً للدروس والعبر التي ثار الحسين لتلقينها للأمة.

مضيفا ان هذا الطقس نشأ في إيران منذ عهد البويهيين، وقد تطور هذا الطقس أكثر في عهد الشاه إسماعيل الصفوي واعتنت به الدولة حيث ذكره المستشرقون والرحالة والسفراء الأوربيين الذين عاشوا في إيران في القرن السابع عشر، وقد كتبوا عن التعزية كما شاهدوها كالألماني أولياريوس 1671 والفرنسي تفارنييه وغيرهم.

وأكد الكاتب عباس الحايك ان الافتراق بين المسرح ودور الشبيه يكمن في عدة نواحي، منها القصيدة، والمخرج والممثلون بالإضافة الى المتلقي. كما ان المتلقي للشبيه يختلف عن المتلقي المسرحي، في: القصيدة الشعرية، وقدسية العلاقة بين المتلقي والطقس، كما ان المتلقي للطقس التشويق ليتفاعل مع الطقس، ولكن يحتاج المتلقي المسرحي لهذا التشويق ليتفاعل مع المسرحية، الذي يعد ضرورة من ضرورات التلقي المسرحي.

وختم الحايك الندوة بالحديث عن المسرح الحسيني مؤكدا انه موجود، لكن خارج إطار عاشوراء، موجود من الاستفادة من الحادثة في تقديم عروض مسرحية لا تحكي الواقعة بتفاصيلها بالضرورة، هو موجود بأبسط أشكال الاقتراب من حادثة كربلاء، و موجود في مسرحيات تستوحي الشعارات الحسينية.

مضيفا ان تعارض الطقس مع المسرح لا يعني أن ينفي الواحد منهما الآخر. لذا يجب المحافظة على الطقس كطقس، ويتم تطويره شكلياً، أي بإدخال تقنيات مسرحية جديدة ومؤثرات صوتية، مع المحافظة على سياق الحدث، فأي خلل في تفاصيل الحادثة الكربلائية سيفقد الطقس أهميته، بينما يمكن تجربة الاشتغال النصي والإخراجي والأدائي على المسرح خارج عاشوراء.