جومانجي: ماذا يحدث حينما تعطي القرد سيارة ؟

جومانجي
طابع بريدٍ أمريكي

الصورة المعروضة أعلاه تعرض طابع بريدٍ أمريكي، ولمحبي جمع الطوابع، يباع هذا الطابع بعشر دولارات، وقد أصدر هذا الطابع احتفاءًا بذكرى فيلم الخيال العلمي الشهير: جومانجي (1995م)، وكما أتذكر.. يتحدث جومانجي عن لعبة سحرية، ما إن تفتح حتى يتبدل شكل العالم، وتنقلب الموازين فيه، فتزداد الحيوانات ذكاءًا وتغدو أكثر عنفاً ووحشية، لتتحالف فيما بينها للسيطرة على العالم، وتتسلط على مصائر البشر اتهدم وتكسر وتدمر كل ما أمكنها الوصول إليه.

أرجع إلى الطابع البريدي، وأترككم  لتنظروا إليه مرة أخرى، لتلاحظوا وجود مجموعة من القردة على دراجات نارية، في جومانجي.. لم يكن الأسد أو الفيل ليتزعم المشهد، بل تزعمها القردة، القردة هي من أعدت العدة ورسمت خطة السيطرة باعتبارها الأسرع نشاطاً وحركة، فمن السهولة عليها القفز من موضع لآخر، لتكسر نافذة، أو تقتحم سيارة، أو تهاجم الناس. وأتذكر هنا.. وفي لقطة بالغة الحماسة! قرداً يقتحم سيارة البوليس، فيجلس على كرسي الراكب ليضغط برجله بأقوى مايستطيع على دعسة البنزين، فتنطلق السيارة في ركضة هوجاء يإتجاه عمود الكهرباء، لينتهي المشهد الظريف بخسارة فادحة!

ظللت ومنذ ذلك اليوم أستذكر مشاهد القردة مابين فترة وأخرى، فينطلق سلسبيل الأفكار من ذهني في براءة ناعسة، لأطرح سؤالاً لاينطلق من الإيمان بنظرية دارون، مفاده بأنه ماذا سيحدث لو سيطر على العالم القردة، وأصبحوا رجال (قردةَ) الصناعة والإقتصاد، والمتسيدين في مناسبات المجتمع، هل لنا في ذلك الحين التنعم بعالم أفضل؟

فرض المحال ليس بمحال -كما يقول المناطقة- استمريت أسبح في فضاء أفكاري، فوجدته عالماً لايخلو من الوردية، رأيت أن القرود في ذروة وحشيتها لاتخلو من الحنيّة، ربما ضغط القرد في جومانجي بأقوى ما لديه على دواسة السرعة لأنه يعلم أن أمامه عموداً خشبياً أجوف، فالقردة في حالتها الفطرية أليفة، لاتؤذي البشر وخصوصاً الصغار منهم، وإن فعلت ذلك فتأميناً لحاجتها من الغذاء، لا استمتاعاً بشهوة الإعتداء، بل إن حنانها المفرط يدعوها لسرقة الأطفال أحياناً.

حتماً لايتخيل المرء أن قرداً، أو بغلاً، أو أي صنف من بهائم الأنعام، أو الحيوانات المفترسة الأخرى، فضلاً عن جنس بني الإنسان، يُقدم.. وبكل برودة أعصاب، ومن دون أي سبب ومبرر عقلائي على الإعتداء الوحشي على نفس محترمة في ريعان الشباب، بدهسها بكل غوغائية، وتمرير أثقال الحديد عليها لتتناثر الأشلاء، وتتم بعيدها حبكة لمراوغة إعلامية مفادها أن سيارة الأمن دوج تشارجر حديثة الصنع، والمزودة بنظام المكابح القرصية مانعة الإنغلاق على أربع عجلات، ونظام الثبات الإلكتروني -وفقاً لموقع جيب العربي- قد انزلقت بكل نعومة على الطريق لتصدم أحد المحتجين خطئاً فيتأثر بجراحه ويموت، كنت أتمنى الإنصاف ولكن ممن؟ وأين ولمن؟ ولك أن تضع جميع استفهامات العربية لتجدها جميعاً معك حائرة!


ما حدث للشهيد علي بداح وصمة عار على جبين المستبد، تمنيت لو أن السائق كان قرداً فيكون الهدف حائطاً أو عموداً أو شجرة، من مفارقات القدر أن توجه إنساناً ليتعلم الرحمة من قرد أو بقرة، ما أسوأ أن يتعلم الإنسان الرحمة من الحيوان!


رحم الله الشهيد وأسكنه فسيح جنته، ورحم الله من قرأ له سورة الفاتحة.