آية الله السيد منير الخباز : هذه القضايا هي لحمتنا ولا يمكن ان ننفك عنها

شبكة أم الحمام
أعوذ بالله من الشيطان الغوي الرجيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء محمد وآله الطيبين الطاهرين
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا
صدق الله العلي العظيم
إن الأحداث الجسيمة التي تمر بها المنطقة تفرض علينا أن نتحدث في ثلاث قضايا، فقد ورد عن النبي : "من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم".
القضية الأولى: حق المواطنة الكاملة:
إن المواطنين في القطيف والأحساء لم يرفعوا يوماً شعار إسقاط النظام، ولم يرفعوا يوماً شعار الإنفصال أو التقسيم، وإنما نادوا بمطلب محدد واضح، ألا وهو المواطنة المكاملة ورفع التمييز الطائفي ، إن المواطنين في هذه المناطق يشعرون بأنهم لا يتمتعون بالمواطنة الكاملة وأنهم ليسوا كغيرهم من مواطني المملكة، وأن هناك تمييزاً طائفياً واضحاً بالنسبة إليهم.
وربما يقول بعض المسؤولين أنه ليس هناك تمييز طائفي وإنما هي أخطاء شخصية من بعض الجهات أو من قبل بعض الأشخاص، ولكن هناك شواهد واضحة وجليه على التمييز الطائفي، ونحن نستعرض بعض هذه الشواهد:
الشاهد الأول: أن الشيعة الإمامية في مختلف مناطق المملكة لا يملكون قضاءً جعفرياً مستقلاً، مع أنهم لا يقلون عن 10% بالنسبة لسكان المملكة، مع أن الجميع يعلم أن الشيعة الإمامية يختلفون عن غيرهم في أحكام النكاح والطلاق والأوقاف والمواريث، واختلافهم في الأحكام يقتضي أن يكون لهم محكمة جعفرية مستقلة وأن يكون لهم قضاء جعفري مستقل، فليس مقتضى الانصاف أن تفرض عليهم أحكام مذاهب أخرى مع أن فقهائهم لا يجيزون لهم التعامل بأحكام مذهب آخر لأن لهم رؤيتهم الخاصة في هذه الأمور.
الشاهد الثاني: إننا منذ أن فتحنا أعيننا لم نسمع بوزير شيعي ولا عقيد ولا نقيب في الجيش من الطائفة الإمامية بل واعظم من ذلك لم نسمع يوماً أن فتاة من شيعة القطيف أصحبت مديرة مدرسة، حتى لهذا المقدار فكأن فتياتنا لا يملكون الأهلية والاستحقاق لأن تكون واحدة منهن مديرة مدرسة إن في هذا منهج واضحا يهدف ويركز على التمييز الطائفي.
الشاهد الثالث: عندما نلاحظ شيعة الأحساء الذين ليس لهم أن يقيموا شعائرهم وطقوسهم حتى في الباحات المحيطة بمنازلهم والتي لا يترتب عليها إضرار بالأخرين ، وعندما نلاحظة شيعة الدمام أكثر من ثلث سكان مدينة الدمام لا يملكون مقبرة خاصة بهم لدفن موتاهم، وعندما نلاحظ شيعة الخبر الذين ليس لهم إلى الآن حق في بناء مسجد يصلون فيه.
إن كل هذه الشواهد وغيرها وغيرها لتؤكد لنا أن هناك تمييزا طائفيا فلا يتصور أن يكون الأمر خطأ شخصيا ويستمر هذا الخطأ لعشرات السنين!! إن هذه الشواهد مانع أكيد عن تبادل الثقة بين الحكومة و المواطنين.
إن مقتضى الإنصاف والحكمة ورعاية الحقوق أن كل حكومة تطمح لأن تكتسب ولاء مواطنيها، وتكتسب ثقة مواطنيها بها وهذا كله يتوقف على إنصاف الحقوق وأداء الحقوق وتحسيس كل مواطن بان له مواطنة كاملة غير ناقصة وأنه كبقية المواطنين يتمتع بالحقوق الكاملة.
إن أبنائنا وصغارنا يسألوننا لماذا لا نجد وزيرا شيعيا فبماذا نجيبهم؟؟! ولماذا لا نجد فتاة من شيعة القطيف تصبح مديرة مدرسة فماذا نجيبهم؟؟ وأي جواب مقنع!!
إن الجميع يتطلع إلى حق الكرامة وحق الكرامة أثمن وأغلى من الأموال، وحق الكرامة أثمن وأغلى من القضايا المادية والمالية.
نحن لا ننكر أن جميع الشعب يأخذ رواتبه دون تمييز ويستفيد من قروض الإسكان دون تمييز ويستفيد من الضمان الإجتماعي إذا كان محتاجاً دون تمييز، ولكن هناك شواهد كثيةر تعرضنا لبعضها وغيرها الكثير مما يؤكد وجود تمييز طائفي لا يمكن رفعه إلا بإزالة أسبابه وجذوره.
فلذلك كله نقول إن الإصرار على بقاء الإمور كما هي يزيد في وضع حواجز نفسه بين أبناء الوطن الواحد ويمنع أبناء الوطن الواحد من التلاحم والترابط في جميع قضاياه وشؤونه لأن هناك فئة من ابناء هذا الوطن تشعر أنها منقوصة الحقوق وأنها لا تمتلك المواطنة الكاملة.
القضية الثانية: قضية السجناء التسعة المنسيين فرج الله عنهم.
لقد خرجت وفود من المنطقة، فقد خرج وفد إلى الرياض وفي طليعته سماحة العلامة الخنيزي دام مؤيداً الذي أصر وألح على الإفراج عن السجناء التسعة المنسيين.
وخرج وفد من الشباب الغيور للقاء أمير المنطقة وأصر على الإفراج عن التسعة المنسيين، وخرجت مسيرات سلمية لأن طبع شيعة القطيف والاحساء السلم والموادعة والتعامل باللطف في ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم تؤكد على هذه القضية.
إن جميع هذه الجهود جهود مباركة مخلصه وتصب في قضية سهلة بسيطة وهي الإفراج عن تسعة ذاقوا من ألوان السجن 16 سنة أو ربما أكثر من ذلك، ألا يستحق أهاليهم وأطفالهم منحهم لوناً من البهجة والفرحة للإفراج عنهم ليؤكد ذلك مدى رعاية الحكومة لمشاعر مواطنيها ومدى اهتمامها بالشؤون الإنسانية لمواطنيها.
إننا ما زلنا نؤكد على هذا الطلب ونلح عليه وإننا من هذا المكان الشريف والمسجد المبارك نرفع صوتنا للتأكيد على الطلب المهم فنقول نطلب إطلاق السجناء التسعة فوراً....
القضية الثالثة: التضامن مع الشعب البحريني المظلوم.
كيف لا نتضامن مع شعبنا في البحرين وهم أهلنا؟؟ وجيراننا!! وأرحامنا!! وعوائلنا المتصلة بهم نسبا وسببا، بل لو لم يكن بيننا وبينهم أي روابط لكن مقتضى القيم الإنسانية أن نتضامن معهم وأن نتعاطف مع قضيتهم، كيف وهم أبناء جلدتنا ومنا وفينا!!
كيف يمنع علينا أن نتأوه أو نتحسر أو نتأفف لما يصيب لحمتنا وأرحامنا وأهلنا في البحرين العزيز إن هذا الشيء لا يمكن أبدا!!
إن ما يتعرض له الشعب البحريني العزيز من استباحة للدماء وانتهاك للحرمات لا يرضى به مواطن خليجي على الإطلاق، شيعياً كان أو سنياً، ولا يرضى به مسلم يعيش ذمة الإسلام ومشاعر الإسلام.
ولذلك، فنحن نهيب بوسائل الإعلام العربية والاسلامية وخصوصا الخليجية منها أن تتحدث عن قضية البحرين بلغة عادلة وصادقة ونزيهة، لا أن تحاول أن تصبغ الموضوع بصبغة طائفية مقيته.
إن وسائل الإعلام النزيهة الصادقة هي التي تتحدث عن قضية البحرين كما تتحدث عن قضية ليببا، فأي فرق بين الشعبين!! إن شعب ليبيا شعب مسلم يريد تقرير مصيره بنفسه، وهذا حق مشروع له.
ولذلك فنحن الشيعة الإمامية في مساجدنا وحسينياتنا وسائر قنواتنا ندعوا للشعب الليبي بالنصر والتأييد لأن قضيته قضية عادلة ولا نتعامل مع الشعب الليبي بأي لون من ألوان الطائفية وبأي نظرة إزدواجية على الإطلاق.
إننا نرجوا من الإعلام العربي أن يتعامل مع قضية البحرين كما يتعامل مع قضية ليبيا، إن شعب البحرين كشعب ليبيا شعب مسلم، ويريد تقرير مصيره بنفسه وله مطالب مشروعه عادلة كما للشعب الليبي مطالب مشروعة عادلة.
وإن محاولة تشويه القضية العادلة في البحرين هي نفس محاولة القذافي لتشويه القضية العادلة في ليبيا فالمحاولة هي المحاولة.
فإن القذافي كي يهرب من هذه الصرخة الحقوقية المعلنة لدى شعبه قال أن شعبه أصحاب مخدرات وهلوسات ثم قال عنهم أنهم يمشون وراء تنظيم القاعدة ثم قال عنهم أنهم ثلة محتقره لا قيمة لهم، وهذا التشويه من أجل اسقاط قيمة صرختهم وتحاول بعض وسائل الإعلام أن تأخذ بهذا التشويه في قضية البحرين العزيز وأن حركتهم حركة طائفية تابعة لجذور إيرانية، وهم يعلمون أن هذا كله كذب واضح، وأن هذا كله لا ربط له بالقضية العادلة التي يطالب بها شعب البحرين العزيز.
إنه لو كانت الوسيلة الإعلامية وسيلة مستقلة وكانت تملك مبدأ وهدف وغاية إنسانية لكان مقتضى ذلك أن تتعامل مع الجميع بروح موضوعية نزيهة .
وفي الأخير نقول يا أهلنا في البحرين وأرحامنا وجيراننا ويامن هم منا ونحن منهم لا ننفك عنهم أبدا إننا ليس كبعض أهل الكوفة الذين عندما قتل مسلم بن عقيل بين أظهرهم قالوا لا شغل لنا ولا نريد حتى أن نتحدث عنهم ولا ندعو لهم.
إن الحسين قريب منهم ليس بين كربلاء والكوفة مسافة طويلة ولكن بعض أهل الكوفة فضل أن يصم فمه وأذنه وكأنه لايسمع ولا يبصر ولا يدري عن شيء.
أما نحن فنقول إن هذه لحمتنا لا يمكن أن ننفك عنها ولا ندعوا بهذا لفوضى أو مشاكل ، ولكننا ندعوا إلى نصرة إخوتنا في البحرين العزيز بالأساليب الممكنة والمتاحة.
يا أهلنا في البحرين وإخواننا في البحرين...
(وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) ، (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّـهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) ، (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّـهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) ، (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّـهِ) ، (اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا) ولكم الأجر العظيم، وإن هذه كلها مرحلة وقتية وسيتبين زيفها، (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) وستنجلي إن شاء الله هذه الظلمة وستنفرج هذه الغمة وسيتبين للجميع بأن قضيتكم و أهدافكم عادلة (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ).
نسأل الله تبارك وتعالى أن ينصر أخواننا المسلمين شيعة وسنة في فلسطين وفي لبنان والعراق والبحرين وفي ليبيا وفي جميع المناطق التي تعيش هماً وغماً إسلامياً.
والحمدلله رب العالمين