العادة صانعة الوهم

ينقل أن رجلاً مر بمخيمٍ للفيلة - تلك الحيوانات المعروفة بضخامة أجسامها -، ولاحظ ذاك الرجل أن الفيلة لم تكن موضوعة في أقفاص حديدية، ولا مربوطة بسلاسل فولاذية تمنعها من الفرار، لكنها رغم ذلك لم تكن تستطيع الهرب.

شيء واحد كان يقيدها، هو حبل بسيط، مربوط في وتد صغير، يقيد إحدى أقدامها، وكان هذا الوتد رغم ضعفه، هو الشيء الوحيد الذي ربطت به كي لا تفر، ورغم أنه ضعيف جداً، ولا يفي بالغرض، استطاع أن يمنعها من الهرب.

اتجه الرجل لمالك المخيم، وسأله عن سر عدم هرب الفيلة، رغم ضعف الوتد الذي ربطت الفيلة به.

كانت الإجابة غريبة جداً، لكنها كافية لفهم وتفسير سلوك هذه الفيلة، فالفيلة عندما كانت صغيرة، لم تكن تملك القوة التي تملكها الآن، فكانت تربط بمثل هذا النوع من القيود، وكانت هذه القيود فعلاً تكفي لمنعها من الهرب، كبرت الفيلة ولازالت تحمل نفس الإعتقاد الذي ترسخ في أذهانها عندما كانت صغيرة.

هذه الحكاية سواءً كانت حقيقية أم لا، فهي تجسد واقع الكثيرين منا في مواقف كثيرة في معركة الحياة، حين تصبح مخاوف الطفولة والعادات القديمة غير السليمة وقناعات بدايات العمر الخاطئة، هي ما يصنع مواقفنا وقراراتنا في هذه الحياة.

إنك لو فتشت سلوكياتك وعاداتك أو قناعاتك وأفكارك أو تصوراتك عن الكون... الخ، قد تجد أنك لست سوى ذلك الفيل الضخم الذي يقيده وهم خاطيء لفيل صغير عالق في داخله، لم يتمكن في الماضي من فك نفسه من قيده، فبقي أسيراً طول العمر.

راجع أفكارك، راجع سلوكياتك، راجع عاداتك، فأنت اليوم لست ذلك الفيل الصغير، وقد تستطيع تحقيق الكثير، في العلم والدراسة الأكاديمية والتجارة والحياة الإجتماعية والحياة المهنية... الخ، لو حررت نفسك من أوهامك المستورة، التي يصعب عليك الإلتفات لها، دون توقف وتدقيق ومحاكمة وتأمل.