الحُب العفيف

ضربها وطردها من البيت وذهبت لبيت أهلها بدون أطفالها لسوء تفاهم بينهما، واستنكرت تصرفات زوجها بكل شدة وانفعال وعاتبته بلسان غاضب واشتكت عند أهلها وطلبت الانفصال وأصرت على ذلك، وبعد هدوء عاصفة المشاكل فكرت وحن قلبها له، وكانت تترقب رسالة اعتذار وحب وأسف من حبيبها، وتتصفح قنوات التواصل الاجتماعي الخاصة بزوجها لعلها تجد مشاعر الحب وعرفان الجميل والفضل بينهما، ولكن زوجها أخذ يرسل العتاب على تركها البيت وأنه مشتاق لدفئها والحديث معها، وإذا بالزوجة أيضا أخذت ترسل العتاب بكلمات الشوق والحب لحياتها الزوجية وأسرتها ومملكتها، لقد اشتاق قلبها لحبيبها ونست كل الآلام لسوء تصرفاته وغضبه رغم إصرار الأب والأم على الانفصال والاعتذار. فقالت لهم بلسان واضح البيان: إني أحب زوجي محبة كبيرة وأحب أن أعيش معه وأطفالي رغم تصرفاته التي لا تعجبني. وعندما وصلته ذبذبات حبها وشوقها ذهب لبيت أهلها يعتذر لها ويرضيها مبتسماً ابتسامة الرجال المعروفة. وعادت لمملكتها الجميلة بكل حب ووئام وكأن الأمر لم يكن. فماذا نسمي هذا الحب الذي يذوب كل المشاكل وينعش الروح وينبض القلب بالحياة؟

يكتسب الإنسان الحب منذ صغره ونعومة أظفاره ويشعر به من أول ما يخرج من بطن أمه يبكي وتحضنه أمه مبتسمة فرحة لتعطيه الأمان والدفء والحنان فيشعر الطفل بالحب، ثم ينمو هذا الحب في قلبه وكأنه يعمر بستاناً جميلا فيه من الأشجار والثمرات الطيبة عندما يرتوي بالحب والحنان من والديه وأفراد أسرته فتراه مبتهجاً وفرحاً بمن حوله. ويمر الحب متنوعاَ في مختلف مراحل حياة الإنسان، ففي مرحلة الطفولة يتبادل الحب مع أسرته المغلقة بكل هدوء مرتوياً بالحنان والدفء والمحبة، وفي مرحلة المراهقة فغذاء حبه من الأصدقاء المقربين له مقروناً بإثبات الذات والاحترام والتقدير النفسي والحرية والاستقلال وأهمية رأيه ومكانته عند أهله وأصدقائه وزملاء مدرسته ومجتمعه، فتجده يقدم العطاء والحب بوفاء وإخلاص لأهله ومحبيه ومجتمعه، فسلوكياته نتيجة ما تغذى من الحب والتعامل وارتوى من أفكارهم.

تأتي مرحلة الشباب فيحتاج إلى حب آخر وخاص جداً ونوعي ليملئ قلبه ويرتوي بستانه لتنتعش أشجار قلبه وتثمر بالخيرات والعطاء الإنساني حيث يكون حبيباً ومحباً ومرغوباً لدى الجنس الآخر لكي تكتمل مشاعره وأحاسيسه وتستقر نفسه وتهدأ عواطفه. الشاب بحاجة كبيرة إلى قلب أنثى تحتويه بالحب والحنان والدفء والإعجاب والفخر به وتبادله الحب الصادق والطاهر، وكذلك الفتاة تحتاج إلى قلب رجل يحتويها بحبه وحنانه واهتمامه ورعايته وخوفه عليها وفارس أحلامها ويضحي لأجلها ويلبي احتياجاتها وتشعر بأنوثتها معه وتسكن قلبه كالأميرة في عرشها، ويتبادل كل منهما الحب والشوق والغرام مصحوبة بالعواطف الجياشة الجميلة لتستقر نفسيتهما ويكون بالزواج الشرعي بينهما لبناء أسرة أساسها الحب والمودة ويرزقهما الله الذرية الصالحة.

يحتاج كل من الرجل والمرأة إلى نهاية رحلتهما بالحياة للحب العفيف والطاهر ولا يستغني كل واحد منهما عن الآخر ويختلف نوع الحب الذي يحتاجه الإنسان كلما تقدم به العمر ومنها الرحمة والمودة بينها. فالحب فطرة في الإنسان ورغبة غريزية يحتاجها ليعيش في الحياة باستقرار ويتغلب على أزمات الحياة ومتاعبها.

الإنسان الذي لم يتغذى من الحب العفيف على أصوله ولم يرتوي منه فتجده قاسياً في التعامل وبائساً من الحياة مضطربا ومنزعجاً في حياته لا ينعم بالسعادة والاستقرار، فتكون قراراته وأموره عشوائية ويرتكب أحياناً حماقات تضر نفسه وغيره، تعرفه من خلال تصرفاته الغير سوية، فاعلم بأن الإنسان المتزن يحتاج إلى أربعة أمور هي:

1/ الاتزان الروحي وغذاءه الإيمان والعبادة وعمل الخير ومرضاة الله عز وجل.

2/ الاتزان العقلي وغذاءه العلم والتفكير والاطلاع والثقافة والتجارب.

3/ الاتزان النفسي ويحتاج إلى غذاء الحب والتقدير والاحترام والحنان.

4/ الاتزان الجسدي ويحتاج إلى غذاء الطعام والشراب.

لنملئ قلوبنا وبيوتنا بالحب والحنان والدفء والرحمة وننشر الخير بيننا لأجل سعادتنا وسعادة أحبابنا وبناء مجتمعنا ووطننا.

سؤال التحدي الأسبوعي: نسبة عُمر محمد إلى عُمر أمه 2:5 إذا كان عمر محمد 12، فكم عمر أمه؟

أ» 28 ب» 30 ج» 32 د» 36

جواب سؤال التحدي للأسبوع الماضي: 352