و ماذا بعد العريفي

 

 

قال تعالى (خذ العفو  وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) صدق الله العظيم

ما عشت أراك الدهر عجباَ و يريك و ترى ما عشت أناساً يدَّعون الوسطية والاعتدالَ يقودون الناسَ و يحملون حسب إدعائهم الحقيقة المطلقة والوعي بما فيه الكفاية بحيث أنهم ينظرون ويؤطرون لمصالح الناس والمجتمع والدين والوطن، يزعمون ذلك في الوقت الذي تراهم يخلطون الحابل بالنابل ويشتمون هذا وذاك كي يكون لهم مركزاً و موقعيةً ومكاناً في الصدارة على الساحة الإجتماعية و السياسية و الإسلامية وكما قيل في المثل ( يا الله بالإمارة ولو على حماره) إن مثل أولئك وأشباههم ليس لديهم طريق للصعود إلى الشهرة إلا عبر الشتيمة والسباب للآخر فهذا المدعو محمد العريفي هو صورة طبق الأصل للكلباني وغيره من دعاة الفتنة والفرقة.

من هنا أود أن ألفت النظر إلى عدة نقاط وردت في حديث العريفي وخطبته والتي تناول فيها شخصية السيستاني في وصفه له بالزندقة والفجور والقائل هو أولى بتلك الصفات و أجدر بتلك المزايا التي وصم ووصف بها سماحة السيد السيستاني حفظه الله:-

   1. إن سباب وشتم شخص كالمسمى محمد العريفي لشخصية بمقام السيد السيستاني حفظه الله وصمت الأصوات الذي تدعي العدلية والوسطية والدعوة للحوار واحترام الرأي الآخر عن إدانة مثل هذا الشخص بل إنك تجد أن هناك من يشجعه و يوفر له الحماية وكامل الحرية في قوله ذلك، ولو أنه سمع أو عرف أو خطر على باله أو ظن أن هناك تجريم ومحاكمة لأمثاله على ما يقومون به أو يلقونه من سفه القول لخاف وارتدع عن التعرض والتجرؤ لتلك الشخصية التي تحظى باحترام الشيعة والكثير من السنة نتيجة لمواقفها في درئ الفتنة في العراق.

            إن التعرض لشخصية عظيمة من مراجع الشيعة هو تعرض للشيعة أنفسهم فهناك الكثير ممن يقلدون و يتبعون السيد السيستاني ويجلونه في هذا البلد وفي كل العالم الإسلامي في الوقت الذي لم يكتفي فيه العريفي بالتعرض للسيد للسيستاني.
            

   2. إن محاولة لخلط الأوراق من قبل العريفي ومحاولة إلصاق مسألة الحوثيين والخلاف معهم بكل الشيعة في العالم هي من باب ( شنشةٌ أعرفها من أخزم) الإيحاء بطائفية الصراع مع الحوثيين وتحويل مسألة الخلاف من قضية سياسية إلى مسألة طائفية ففي الوقت الذي يقول فيه أطراف الصراع بأن الصراع سياسي يأتي العريفي وأمثاله كي يؤطرونه طائفياً فهاهو هو يقول في دعاءه للجيش . اللهم أنصرهم على (الحوثيين الشيعة).

          o فانظر لقوله (الشيعة ) فإننا وللأسف لا نجد قضية في العالم إلا حاول هذا وأشباهه أن يجدوا أو يربطوا بها حبلاً من الشيع ةمن خلال  محاولة الإيحاء بأن الشيعة هم الرقم (1) في المواجهة وأنهم سبب تأخر وكل مشاكل هذه الأمة ، وأن كل قضايا الأمة في العراق وفلسطين واندونيسيا بل و حتى على  سطح القمر والمريخ إن تمكن الإنسان من استيطانه في يوم من الأيام هي من أسباب تدخل الشيعة ومؤامراتهم فإنهم هم الداء المستعصي الذي يتنقل ويتشكل حسب الزمان والمكان.

            وإن أمثال  العريفي لم نجد لهم تصريحاً  يذُكر في نصرة قضايا المسلمين أو المحاصرين في غزة وكأن من يحاصرهم  ويشارك في التضييق عليهم هم الشيعة في العراق وليس دولة عربية مجاورة لم تنل منه وأشباهه أي نصيب يُذكر  في نصرة أخونه في غزة إن أعتبرهم كذلك.

   3. لقد تعرض العريفي في معرض سبابه للسيد السيستاني لكل الشيعة وكل طوائفهم من إمامية و  زيدية و غيرهم من أبناء هذا البلد وغيره من البلدان الإسلامية ولم يقم وزناً أو احتراماً لمن يشاركونه هذا الوطن ولم يراعي مصلحة المجتمع السعودي بكل أطيافه وكأن الشيعة يعيشون في جزر واق الواق لا يشاركونه وطناً ومصيراً ومستقبلاً ينبغي لكل أبناء وأطياف المجتمع أن يتشاركوا فيه.

خلاصة القول  هو أن التعرض للسيد السيستاني وللشيعة هو حث على ممارسة العنف والإرهاب ضدهم بكل الصور والأساليب والوسائل ، بل هو حث على القتل بطريقة مباشرة ولا أعلم أي ذنب جناه السيستاني أو الشيعة عند أمثال هذا الشخص وأشباهه كالكلباني ممن ينزعون لزرع بذور الفتنة في المجتمعات الإسلامية و يحاولون أن يدقوا إسفين الشقاق بين الإخوة في الدين والوطن، إلا أن السيستاني قد قام بإطفاء كل المحاولات لشب حريق نار الفتنة بين السنة والشيعة في العراق ولنا فيما قاله جمال الخاشقجي والمنصفون عن السيد السيستاني أكبر دليل على ذلك.

إن أمثال  العريفي والكلباني ليضربون و يهدمون بمعاولهم الطائفية جميع ما مد من جسور الثقة والمحبة والتآلف والتعاون بين أبناء هذا الوطن والذي هو كل السفينة التي ينبغي أن يقودها من يحافظ عليها من الغرق عن بحار الطائفية والفرقة والإقصائية ونبذ الآخر ووصمه ووصفه بالعمالة خارج الحدود لتلك الدولة أو لتلك الفئة  أو المزايدة على الولاء وكأن أبناء هذه الطائفة لا ينتمون لهذه البلاد أو أنهم أتوا من قوميات أخرى غير القومية التي ينتمي لها أبناء هذا الوطن.

إن الخوف  كل الخوف هو مما سيحدث بعد هذه  التصاريح الخطيرة وما يمكن أن يحدث على الطائفة الشيعية في هذا البلد نتيجة لوجود مثل هذه الأصوات التي تستخف بعقول الناس وتمارس أبشع وأقذر الأساليب في محاولة تزوير الحقائق واستثارة النفوس وتحميلها و تجيشيها بمتفجرات الحقد و ديناميت البغضاء كي تتحول في يومٍ من الأيام إلى براميل بارود يسهل تفجيرها و استخدامها في تفخيخ الناس و ما يحدث في العراق ليس عنا ببعيد.

ولا أعلم هل المطلوب من أبناء الطائفة الشيعية في هذه البلاد أن يعملوا كالإطفائيين الذين ما إن ينشب حريق إلا ويحالوا إطفاءه بينما يبقى مصدر تلك النيران موجوداً بحيث أننا نرى بين فترة وفترة أمثال هذا الصوت وأشباهه يخرج لنا بين فترة وآخري متناولاً شركاءه في هذا الوطن بالسباب والشتيمة من غير أن يمتلك ذرة من الحياء أو الإنسانية أو الشعور بالمسؤولية في تأليف وتوحيد أبناء هذا الشعب.

 لذا ينبغي  على المسئولين في هذا البلد الكريم إيقاف مثل هذه الأصوات النشاز والتي تغرد خارج السرب كي يسمع نعيقها، هذه الأصوات التي تفرق وتشتت بين أبناء هذا المجتمع وتحاول أن تزرع بذور الفتنة و توقظها فالفتنة نائمة وأمثال هؤلاء هم من يحاولون إيقاظها فهم لا تبرز قدراتهم و لاكفاءتهم إلا من خلال ممارسة هذا الدور البغيض ( وكما قيل خالف تعرف)

شاعر وأديب